عالم الإبداع

  • استثمر الآخرين

    د. علي الحمادي

    نقصد باستثمار الآخرين الاستفادة من عقولهم وأموالهم وأوقاتهم وجهودهم وعلاقاتهم وجميع إمكاناتهم ومواهبهم وقدراتهم لصالح مشروعك الذي تريد به صناعة الحياة والتأثير فيها.

    فعلى صانع التأثير أن يدرك أن وقته محدود، وأن ماله لا يلبي كل احتياجاته، وأن جهده أدنى من طموحاته، وأن عقول المجموعة خير من عقل الفرد، وأنه ضعيف بنفسه قوي بالآخرين.

    كما أن عليه أن يدرك أنه مهما حاز من المواهب والإمكانات والعلاقات فليس بإمكانه الاستغناء عن الآخرين، وهذا شأن البشر جميعا، ومن كان هذا هو شأنه فحري به أن يفكر بذكاء أكبر، وذلك بأن يضم جهود الآخرين إلى جهده ويستثمر إمكاناتهم لصالحه.

    ولقد أثنى الله تعالى على المؤمنين لاستثمار عقول بعضهم بعضا وذلك بالمشاورة فقال: (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شوری بینهم ومما رزقناهم ينفقون) الشورى (38)، كما أمر رسوله “صلى الله عليه وسلم” بمشاورة المؤمنين فقال: (… وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) آل عمران (159)، ولذا روي في الأثر: “ما خاب من استخار ولا ندم من استشار”.

    الاستثمار البشري في السيرة النبوية:

    ولو تأملنا سيرة المصطفى “صلى الله عليه وسلم” لوجدناه في حرص دائم على استثمار جهود أصحابه لخدمة الدعوة الإسلامية، وكان يخص الأذكياء منهم والمثابرين وأصحاب الطموح والهمم العالية، ففي يوم الخندق استثمر خبرة سلمان الفارسي في حفر الخندق، وحفر الخنادق في الحروب أمر لم تعهده العرب من قبل ولكنه معروف عند الفرس، وسميت الغزوة باسم الخندق من الأسباب المادية الرئيسة في النصر يومئذ.

    واستثمر “صلى الله عليه وسلم” مكانة نعيم بن مسعود في العرب ودهاءه ليخذل عن المسلمين في معركة الأحزاب، وكان عمله هذا سبباً في تفكك الحلف الذي عقده اليهود مع المشركين من العرب، واستثمر خبرة عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وأبي بكر الصديق في تحريك القوافل للتجارة من المدينة إلى اليمن والشام وبعضها إلى العراق، واستثمر خبرة خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وسعد بن أبي وقاص وأبي عبيدة عامر بن الجراح وغيرهم في الحروب بعد إسلامهم فكانوا قادة الفتح، وفي مجال الشعر استثمر حسان بن ثابت وغيره من الشعراء فيما يسعد به نفوس المسلمين، ويرد به على شعراء المشركين، إذ كان للشعر حظوة كبيرة عند العرب، وكان يلزم كل كاتب وقارىء من الصحابة أن يعلم آخرين من إخوانه القراءة والكتابة لخدمة القرآن الكريم ولنشر العلم بينهم، واستثمر فطنة وعلم زوجه عائشة رضي الله عنها في تعليم النساء حتى أصبح كبار الصحابة يستفتونها بعد وفاة الرسول “صلى الله عليه وسلم” في أهم المسائل وأعقدها.

    ولا يكفي استثمار عقول الآخرين وأوقاتهم وأموالهم وجهودهم، بل لا بد من استثمار عواطفهم ومشاعرهم لصالح المشروع التأثيري النافع، ولقد كان رسول الله “صلى الله عليه وسلم” يستميل الآخرين ويرغبهم، ليغرس في نفوسهم الأخوة والمحبة في الله، وعندها يستثمر هذه العواطف الأخوية الصادقة لصناعة حياة إسلامية سامية ولنصرة دين الله تعالی.

    وفي فتح مكة…

    ففي فتح مكة كان الموقف صعب بالنسبة للمشركين، إذ النبي “صلى الله عليه وسلم” قد دخلها فاتحاً منتصراً، وأهلها خائفون على أنفسهم بعد عدائهم الشديد له ولأصحابه، وإخراجهم لهم من أوطانهم وتشريدهم وقتالهم ظلماً وعدواناً، رغم كل ذلك إلا أن النبي “صلى الله عليه وسلم” أجاب بالعفو والصفح، فامتلك بذلك قلوبهم وعواطفهم ثم استثمرها في سبيل الله تعالی.

    وكان بيت أبي سفيان بن حرب منبعاً للعداء والحقد ضد رسول الله “صلى الله عليه وسلم” وأصحابه، ولكنهم يوم الفتح وجدوا كل الوفاء والتقدير من رسول الله “صلى الله عليه وسلم”، حيث أصبح بيتهم مأمناً للناس، وقبل منهم رسول الله “صلى الله عليه وسلم” توبتهم وإسلامهم، فملك قلوبهم بإذن الله تعالى، فكان في دلك خير كثير على الجميع، لذا يقف أبو سفيان رضي الله عنه يوم حنين مدافعاً عن النبي “صلى الله عليه وسلم” وكان ممن ثبث معه، وحينما انطلقت الفتوحات الإسلامية خرج أبو سفيان وزوجه هند وولداه معاوية ويزيد ليكونوا من رواد الفتح الإسلامي لبلاد الشام، وكان أبو سفيان رجلاً متمرساً في الحروب وفنونها ودروب القتال وخططه، فكان يشير على خالد وأبي عبيدة رضي الله عنهم بنصائحه، وكانوا يستمعون إليه ويأخذون بمشورته، وأضحى أبناء أبي سفيان معاوية ويزيد، أعلاماً في قيادة الخلافة الإسلامية وتركوا بصماتهم في دنيا الناس، وهكذا استثمر النبي “صلى الله عليه وسلم” طاقات وإمكانات وعواطف خصوم الأمس ليكونوا سلاحاً وأداةً فاعلة لصناعة المستقبل وهندسة الحياة هندسة كريمة مباركة.

    مجلة عالم الإبداع

    العدد 33

  • لا ! الكلمة الأقوى في عالم الأعمال

    جون ريه

    التذمر صفة لا يسلم منها أحد بالرغم من تراوحها بين شخص وآخر. لدينا مساحة من الراحة، فنحن نقوم بالأشياء التي نستمتع بها، والتي نشعر بأنها جيدة، وتأتي بسهولة، لهذا السبب يحب الكثيرون أن يحيطوا أنفسهم بأفراد يوافقونهم بكل ما يفعلون، ويفكروا بنفس طريقة تفكيرهم، ويدعمونهم بكل مواقفهم.

    وقد يكون مدهشاً لك أن تعرف أن التنفيذيين في الشركات الخاصة لا يتمتعون بهذه الرفاهية!

    في مقابل التعويض الذي يتلقونه من المساهمين، يجب أن يحيط التنفيذيون أنفسهم بكل رأي يخالفهم، غير مريح وغير مألوف لهم، بهذه الطريقة فقط يمكنهم أن يحتفظوا بشركتهم قوية ومتطورة، وعندها فقط يمكنهم أن يتجنبوا الانهيار المدمر للشركة كما حصل لإنرون! هناك العديد من الدروس التي يمكن تعلمها من تجربة إنرون.

    كمدير: عندما يمتهن أفرادك المقربون المحاباة.. ويدمنون كلمة “أجل”، نعم”، “تماماً”، اعلم أنك أصبحت في أخطر حالاتك المهنية.

    لا بد أن تكون كل شركة مرتبطة بالتزامات تجاه المساهمين على اختلافهم، وهذه الالتزامات تحققها شركة إنرون لمساهميها، كان التنفيذيون في إنرون صناع قرار غير محترفين، اتخذوا قرارات خاطئة أدت إلى نتائج سيئة، بعضاً من قراراتهم كانت تمس فعاليات غير قانونية، هناك من بدأ يتساءل حول مدى حرفية الإدارة في الشركة، وآخرون سلطوا عدساتهم على مدير المراقبين آرثر أندرسون، بينما تساءل فريق ثالث: هل اهتمامهم بزيادة مدخول الشركة كان انعكاسه سيئاً على نوعية محاكمتهم؟ سندع هذه الآراء جانباً، ونتركها لأصحابها ونكتفي بالتركيز على أسباب فشل الإدارة الرئيسية.

    البداية من القمة:

    مهمة القائد – قائد العمل- أن يقدم رؤية محددة لمجموعة العمل التنفيذي، القائد الجيد هو الذي يكون عنده حلم وقدرة على حمل الشركة على دعم هذا الحلم، إلا أنه لا يكفي أن يكون لديه حلم فحسب، بل يجب على القائد أن يوفر إطار عمل يتمكن من خلاله فريق العمل في الشركة من تقديم المساعدة على تحقيق هذا الحلم، وهذا ما يطلق عليه البعض ثقافة الشركة.

    عندما تسمح ثقافة شركتك للأفراد بتحدي الأفكار والاقتراحات والمخططات، أنت بذلك تؤسس لشركة من المفكرين، والأفراد الملتزمين والقادرين على إنتاج نوع من الإبداع، والإنتاجية، والذي يستلزمه النجاح في عالم أعمال اليوم.

    مع ذلك، إذا كانت ثقافة الشركة لا تسمح بالمعارضة، وإذا كان الأفراد الذين يقترحون بدائل وتغييرات عرضة للتأنيب والمعاقبة بحجة أنهم خارجون عن الفريق، أو ليسو من أعضاء الفريق، فأنت بذلك تخلق بيئة من الخوف والجمود والجفاء، إن عدم وجود هامش معقول لمعارضة مقبولة كفيل بتدمير شركتك وإلى الأبد!

    ناقش وحاور إلى أن تصل إلى النقطة التي تريد:

    أنت مدير ذكي، أنت تشجع أفراد فريقك على التحدي واقراح البدائل، ولكن هل أنت مرؤوس جيد؟ هل تناقش مديرك؟ أم أنك تجلس في الخط الخلفي وتعمل على حماية كرسيك من الانزياح باتباعك أسلوب الموافقة على كل ما يفعله مديرك أو يقترحه؟

    هذا الأسلوب في العمل لا يحمي الكرسي تحت أي ظرف، على الأقل هذا ما تعلمه الموظفون في إنرون!

    كل مدير يعمل تحت إمرة مدير أعلى، مسؤولياتنا كمدراء تجاه الإدارة العليا أن نكون صادقين معها، وأن نخبرها بما نعتقد ونفكر ونراه مناسباً، حتى لو كان ذلك لا يتوافق مع رؤية وقرارات تلك الإدارة.

    عليك أنت وزملاؤك أن تناقشوا المواضيع بصراحة وانفتاح، وخاصة فيما يتعلق بدائرة تأثيرك وبشكل واضح وجلي، مهمتك أن تعرض أمام الإدارة كل ما لديك من معلومات يمكن أن تخدم الخيارات المتاحة التي تراها واجبة التطبيق، لا تخش المواجهة، جاهد حتى الرمق الأخير في سبيل إثبات أو تحقيق ما تراه صحيحا، كن محترفاً في ذلك، ولكن صريحاً وحيادياً في نفس الوقت! ولكن…

    عندما تتخذ الإدارة العليا قرارا يجب أن تتوقف النقاشات والآراء المعارضة، لأن اتخاذ القرار يعني أنك أصبحت مجبراً على دعم الإدارة في تنفيذ القرار ليس إلا.

    كمرؤوس: لا تخشى المواجهة، جاهد حتى الرمق الأخير في سبيل إثبات، أو تحقيق ما تراه صحيحا.

    ربما رافضا ولكن ليس مرفوضا!

    أنت تعتقد أنك تقف في الموقع الصحيح، أنت تريد مصلحة فريقك، وتريد أن تجري الأمور بالطريقة الأكثر ملاءمة لدائرتك، لذلك فأنت تناقش بقوة مدافعاً عن وجهة نظرك.. هذا جيد، ولكن لا تتماد فيه! فأنت لن تكسب في كل مرة.

    في النهاية عليك أن تتذكر أن الإدارة العليا تبحث عن الأفضل بالنسبة للشركة ككل، وليس لجزء واحد منها فقط! انتبه إلى محاور النقاش وقلبها على جميع الأوجه آخذاً بعين الاعتبار أنك ستعمل مع هؤلاء الأفراد في المستقبل المرة تلو الأخرى، لذلك من المهم أن تكون رافضاً على ألا تصل إلى مرحلة تصبح معها مرفوضا!

    لا بد أنك في النهاية لا ترغب في أن تكون بطانتك نسخاً منك!!

    والآن…

    إن لم تكن شركتك تتبنى ثقافة المعارضة فاشرع في بنائها.. تجنب إغراء البطانة المادحة وبتعبير أدق الممالقة، أنت لا تحتاج إلى أفراد يشبهونك لأنهم لن يكونوا مرآة حقيقية لك، ولن تعرف أخطاءك فتسعى لإصلاحها، هم غير قادرين على توسيع دائرة إبداعك لأنهم غير قادرين على عرض مفاهيم مختلفة..

    لا تحط نفسك بأفراد يخشون المعارضة، كافئ الإبداع والأفكار الجديدة التي تشارك في عملية صنع القرار، اعتمد على من يجيدون فن المعارضة البناءة.

    وتذكر دائما أن تطرح على نفسك السؤال التالي:

    هل أنا بحاجة إلى نسخ أخرى مني؟

    أعتقد أن الجواب البديهي هو لا!

    المصدر: مجلة عالم الإبداع

    العدد 33

  • لمعالجة الفساد الإداري في مؤسستك انتبه!

    لمعالجة الفساد الإداري في مؤسستك انتبه!

    السمكة تتعفن من الرأس أولاً، والوقاية خير من العلاج

    مهيوب خضر

    الفساد الإداري والمالي حالة مرضية أصبحت أشهر من نار على علم في كثير من المؤسسات وعلى مستوى الدول، في وقت كثر فيه السؤال عن العلاج وازدادت الحيرة عن اتجاه انتشار هذا المرض هل هو من القاعدة إلى القيادة أم من القيادة إلى القاعدة!.

    ومع إلقاء نظرة سريعة على تقارير منظمة الشفافية العالمية المعنية بقضايا الفساد الإداري، نجد أن دولاً إسلامية، مع الأسف، باتت تتربع على رأس الدول الأكثر فساداً في العالم وسط فهم خاطئ للعلاقة بين الفساد – إدارياً كان أو مالياً – والفقر.

    تؤكد الدراسات العلمية الحديثة في مجال مكافحة الفساد أن الفقر الذي تعاني منه معظم دول العالم اليوم إنما هو نتيجة للفساد الإداري وليس سبباً له، ففي حال فقدان مبالغ طائلة من الأموال العامة بطرق غير مشروعة لصالح أشخاص متنفذين يعدون أحيانا على أصابع اليد الواحدة فإن ذلك يؤثر سلباً بطبيعة الحال على مستوى حياة الشعب الاقتصادية ويحولها إلى مأساة يتخيل البعض أنها من النوع الذي لا علاج له.

    اليابان دولة بلا موارد ومع ذلك فقد صنعت معجزه بتصدرها أكبر الدول الصناعية في العالم، وذلك ليس فقط من خلال التكنولوجيا التي ابتكرتها وإنما عبر اعتمادها لنظام إداري دقيق خال من الفساد الإداري، يكفل تحفيز كل موظف في الدولة بعينه عبر توزيع عادل للأجور والمكافآت المالية، وفي المقابل دولاً عربية وإسلامية تمتلك موارد بشرية ومادية هائلة تعيش في دوامة الفقر، لا تعرف كيف تتخلص منه.

    إن إدراك خطر وباء الفساد الإداري وتشخيص أعراضه، والبحث في سبل علاجه لا يحتاج منا نحن المسلمون ذلك الجهد الذي نبعثره اليوم في اتجاهات غير مجدية بحثاً عن الحل، فقد وضع لنا الخليفة عمر بن الخطاب منهجاً علمياً مجرباً لمكافحة الفساد الإداري والمالي، استوحاه من تعاليم الإسلام وسيرة المصطفى محمد “صلى الله عليه وسلم”، وكانت النتيجة أن عم الخير على الجميع بلا استثناء.

    عندما ترفع منظمة الشفافية العالمية شعار (السمكة تتعفن من الرأس أولاً)، فإن هذه البداية في علاج مرض الفساد لم تغب عن مفردات منهج عمر بن الخطاب قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام.

    كلمة سجلها التاريخ بماء من ذهب قالها سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوماً ما مادحاً سياسة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مكافحته لوباء الفساد الإداري، حيث قال له : (عففت فعفت رعيتك، ولو رتعت لرتعت).

    هذه هي القاعدة الذهبية في مكافحة خلايا وباء الفساد الإداري الذي ينخر يوماً بعد يوم في هياكل المؤسسات فيدمرها ويصدع أسس بناء الدول فيجعلها قابلة للسقوط في أي لحظة.

    لقد ذهبت الإدارة العمرية عبر التاريخ مثالاً يحتذي وهي تؤصل مبادئ قامت عليها دولة الإسلام وقوانین طبقها الخليفة على نفسه قبل غيره، فغدت خلافة الإسلام في عهد عمر بن الخطاب وغيره من الخلفاء أرضاً خاليةً من وباء الفساد.

    أدرك الخليفة عمر بن الخطاب أطراف معادلة الفساد الإداري خير إدراك وعرف نقطة البداية فألزم نفسه بها خير إلزام، فمنذ اليوم الأول لخلافته دعا إليه أفراد أسرته فقال لهم: (إن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى اللحم, فإذا وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وإني والله لا أوتى برجل منکم وقع فيما نهيت الناس عنه إلا ضاعفت له العذاب لمكانه مني).

    ونلاحظ هول ورهبة الموقف وخطاب الخليفة يحوي قسماً لا يحمل بين طياته إلا جدية التنفيذ بمضاعفة العقوبة على كل من تسول له نفسه من أهل بيته النيل من مال المسلمین بغير حق ومخالفة قوانين الخلافة المبنية على العدل في توزيع الأموال العامة.

    • الإدارة العمرية

    ارتقت سياسة الخليفة عمر بن الخطاب في مكافحته للفساد الإداري لحد التورع عن الشبهات مهما كلفه هذا الأمر من مشقة تكدر صفو العيش، فها هو يقسو على نفسه ويقدر له ولعائلته من بيت مال المسلمين ما لا يكاد يفي بمتطلبات الحياة، وقد لا يفي أحياناً، فيما كان هو قبل توليه خلافة المسلمين صاحب تجارة تكفيه وتكفي عياله!

    هذه الحالة التي آل إليها أمر معيشة الخليفة أرق مجموعة من كبار الصحابة وهم علي وعثمان وطلحة والزبير، فجاءوا إلى أم المؤمنین حفصة بنت عمر بن الخطاب وأشاروا عليها أن تحدث أباها أمير المؤمنين في زيادة ما يتقاضاه مشيرين إلى أن المغانم بحمد الله كثيرة وبيت المال عامر، بعد سلسلة من الفتوحات التي من الله بها على المسلمين في عهد عمر.

    فلما كلمته حفصة في ذلك غضب وسألها عمن أشار عليها بما قالته، فقالت: لا سبيل إلى علمهم، ثم قال: يا حفصة قولي لهم إن مثلي ومثل صاحبي كثلاثة سلكوا طريقاً، فمضي الأول وقد تزود فيلغ المنزل، وتبعه الثاني فسلك طريقه فأفضى إليه، ثم أتبعه الثالث فإن لزم طريقهما ورضي بزادهما لحق بهما، وإن سلك غير طريقهما لم يدركهما.

    لقد أنزل الفاروق عمر نفسه من بيت مال المسلمين منزلة ولي اليتيم، فها هو يقول: (ألا إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وان افتقرت أكلت بالمعروف). يخرج عمر بن الخطاب يوماً إلى السوق في جولة تفقدية ليرى إبلاً سماناً تمتاز عن بقية الإبل بنموها وامتلائها، فيسأل: إبل من هذه؟ فيجاب: إبل عبد الله بن عمر. وينتفض أمير المؤمنين وكأن القيامة قامت فيقول: عبد الله بن عمر!!.. بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين، وأرسل في طلبه من فوره، وأقبل عبد الله يسعي وحين وقف بين يدي والده قال لإبنه: ما هذه الإبل يا عبد الله؟ فأجاب: إنها إبل أنضاء – أي هزيلة- اشتريتها بمالي وبعثت بها إلى الحمى- أي المرعى- أتاجر فيها وأبتغي ما يبتغي المسلمين، فعقب عمر في تهكم لاذع: ويقول الناس حين يرونها.. ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين.. اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين.. وهكذا تسمن إبلك ويربو ربحك يا ابن أمير المؤمنين. ثم صاح به: يا عبد الله، خذ رأس مالك الذي دفعته في هذه الإبل واجعل الربح في بيت مال المسلمين.

    لم يكتف الفاروق عمر بهذا السياج الذي أحاط به نفسه وأسرته في حربه ضد الفساد الإداري، بل أحاط نفسه بسياج آخر شكل محور الأمان الحقيقي للقضاء على جذور هذا الوباء في المجتمع عندما رفع شعار ” الحاكم تحت رقابة المحكوم”

    حيث عمد الخليفة بهذه السياسة إلى الارتقاء بجانب الرقابة الإدارية إلى أبعد مستوياتها، خصوصاً وأن الخليفة عاد ليبدأ بنفسه مرة ثانية.

    يروى أنه دعى الناس فصعد المنبر فقال: يا معشر المسلمين، ماذا تقولون لو ملت برأسي إلى الدنيا؟ إني لأخاف أن أخطئ فلا يردني أحد منكم تعظيماً لي، إن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني. فقال رجل: والله يا أمير المؤمنين, لو رأيناك معوجاً لقومناك بسيوفنا، عندها أجاب الخليفة الزاهد والفرحة تعمر قلبه قائلا: (رحمكم الله، والحمد لله الذي جعل فيكم من يقوم عمر بسيفه).

    لقد أراد الفاروق عمر أن يبرهن للرعية وبشكل قاطع أنه لا حصانة لأحد أمام القانون حتى لأمير المؤمنين نفسه بالرغم من موقعه الدبلوماسي عالي المستوى، فقد أدرك الفاروق منذ اليوم الأول لخلافته أن السلطة المطلقة فساد مطلق، كما أراد عمر بن الخطاب أن يفعل دور الرعية في مكافحة هذا المرض الخطير الذي يحتاج إلى تكاتف الجهود حاكمين ومحكومين.

    كانت هذه هي اللمسات الأولى من سياسة الفاروق عمر بن الخطاب في احتواء خلايا الفساد الإداري والقضاء على جذورها فيما يتعلق به شخصياً وأقرب المقربين منه، أما وإن أردنا الحديث عن مجمل سياسته العامة في مكافحة الفساد بشتى آشكاله وأنواعه والتي قامت على قاعدة (الوقاية خير من العلاج) فإننا قد نكون بحاجة إلى مجلدات للخوض في هذا الأمر.

    لقد فكر عمر بن الخطاب فأبدع عندما جعل من نفسه قدوة للأمة جمعاء، حينما عفت نفسه ويده عن أموال المسلمين، فعفت الرعية من بعده، ووزع المال على أصحابه بالحق فتال كل ذو حق حقه دون مواربة، وخصص لكل مولود في الخلافة مبلغاً من المال يعين والديه على تربيته، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، هذا هو الخليفة عمر الذي كان يسير في طرقات المدينة لابساً ثوباً فيه إحدى وعشرين رقعة، ويبطئ يوماً عن المسلمين في صلاة الجمعة ثم يعتذر إليهم حين يصعد المنبر قائلاً: (حبسني قميصي هذا، لم يكن لي قميص غيره).

    لقد أتعب عمر الإداري العبقري كل الإداريين والقادة من بعده وجعل مسؤولياتهم فادحة وكبيرة إن عقلوا وآمنوا حقا بيوم الحساب كما آمن هو.

    عالم الإبداع

    العدد 33

  • كيف ينتقم منك العميل؟

    كيف ينتقم منك العميل؟

    ردود الأفعال السلبية المترتبة على عدم الرضا

     

    د. طلعت أسعد عبد الحميد

     

    عندما يبحث المستهلك العزيز عن الإشباع، فإنه يضحي من أجله بالكثير.. يقارن ويبحث ويقرر.. ولكن عدم إشباعه يعني الانتقام وهدم المعبد على مقدمي الإشباع.

    إن رضا أو عدم رضا المستهلك هو نتاج لمقارنة المستهلك لتوقعات ما قبل الشراء بالمخرجات الفعلية لعملية الشراء، فإذا ما كان أداء المنتج أفضل أو مساو لما كان متوقعاً قبل الشراء كان المستهلك راضياً، أما إذا كان الأداء أقل مما هو متوقع، فإن المستهلك سوف يكون غير راض ويتوقف عن شراء ذلك المنتج.

    فبعد شراء المستهلك للمنتج واستخدامه فإنه سوف يكون راضياً أو غير راضٍ، وبناءً على ذلك فإنه سيقوم ببعض ردود الأفعال أو تصرفات ما بعد الشراء، وتلك التصرفات قد تكون هامة بالنسبة لرجل التسويق.

    فالمستهلك الراضي سوف يعيد شراء المنتج في المرة القادمة، وسوف يحدث الآخرين بصورة طيبة عن المنتج، وسوف يكتب خطابات شكر للشركة، أو إلى جمعيات حماية المستهلك، والغرف التجارية.

    والمستهلك غير الراضي سوف يلجأ إلى واحد أو أكثر من التصرفات السلبية، وفي كل حالة من هذه الحالات فإن البائع سوف يفقد شيئا ما، ومن ثم فإنه إذا لم يستجيب بصورة طيبة وسريعة، فإن الضرر الواقع عليه وعلى المنشأة سوف يكون كبيراً ومن الصعب تجنبه.

    ولردود الأفعال تأثير هام على سمعة النشأة ومستقبلها في السوق، فمن ناحية فإن ردود الأفعال الإيجابية تعني سمعة طيبة، ومزيداً من النجاح في المستقبل لها، كما أن الردود السلبية يكون لها تأثير سلبي على سمعة المنشأة، كما أنها تعني الفشل بالنسبة لها ولوجودها ومستقبلها في السوق.

    وسواء أكان المستهلك راضياً أم غير راض عن المنتج، فإنه من الواجب على المسئولين سواء في منشأة المنتج أو البائع أن يحرصوا على التعرف على ردود الأفعال الإيجابية والسلبية المترتبة على شعور المستهلك بالرضا أو عدم الرضا، حتى يتمكنوا من تقرير التصرف الواجب اتخاذه في هذه الحالة، وتكييف الاستراتيجية الإنتاجية والتسويقية بما يتناغم مع أي تطورات أو مستجدات قد تطرأ على السوق الذي تمارس فيه المنشأة نشاطها.

    كما أن إهمال التصرف تجاه ردود الأفعال الإيجابية قد يخفي على المسئولين الكثير من المزايا التي قد تتحقق من وراء رضا المستهلك، لعل أبرزها الولاء للعلامة ونقل الشعور بالرضا إلى الآخرين من المحيطين بالمستهلك من الأهل والأصدقاء والأقارب والجيران عن طريق الكلمة الطيبة المنطوقة. كما أن إهمال المستهلك غير الراضي، وعدم معرفة ما قد يجلبه على النشأة قد يكلفها الكثير، بل إنه يعد إيذاناً بخروجها من السوق، لو لم تتحرك بسرعة لمعرفة الأسباب المسئولة عن شعور المستهلك بعدم الرضا والقضاء عليها، ولعل أبرز هذه المتاعب التحول عن العلامة ونقل الشعور بعدم الرضا إلى الآخرين من خلال الكلمة السيئة المنطوقة.

    وسوف نتعرض فيما يلي لردود الأفعال الإيجابية أولاً، ثم ردود الأفعال السلبية بعد ذلك.

    مخاطر عدم الرضا:

    يمثل المستهلك غير الراضي خطراً داهماً على الشركة ومستقبلها في السوق، وهذا يستوجب منها سرعة التصرف قبل أن تتضرر المنشأة بدرجة كبيرة وتسوء سمعتها في السوق، ويتحول المستهلكون عنها إلى المنتجات الأخرى المنافسة، وفي الدول المتقدمة يلجا المستهلك إلى الشكوى إلى جمعيات حماية المستهلك يطالبونها بالتدخل، وهذا التصرف ينبغي ألا يكون عشوائياً وبدون دراسة مسبقة لحقيقة مستوى عدم الرضا، والتصرفات المحتملة للمستهلك غير الراضي، حتى لا يفقد هذا التصرف فعاليته، ولا تتوقع المنشآت الرشد العقلي الكامل من المستهلك في مواجهة حالات عدم الرضا.

    ولن يدخر جهداً للإساءة إلى المنشأة بأفعاله وكلماته، وفيما يلي تشريحاً متكاملاً لما يمكن أن يقدم عليه العميل مدعماً بالدراسات التطبيقية التي أجريت في هذا الخصوص:

    1. التخلص من المنتجات.
    2. التغلب على حالة عدم الانسجام بعد شراء المنتج.
    3. التحول عن العلامة والتوقف عن شراء المنتج أو التوقف عن إعادة التعامل مع المتجر.
    4. البدء في عمل اتصالات سلبية عن المنتج أو الخدمة لأصدقائه والمحيطين به.
    5. طلب تعويض من الشركة.
    6. الشكوى إلى الشركة (المنتج/ البائع) أو الشكوى الي المؤسسات والجمعيات الخاصة، أو الحكومة.

    التصرفات التي يقوم بها المستهلك في حالة الشعور بعدم الرضا عن المنتج:

    (1) التخلص من المنتج:

    إن كيفية التخلص من المنتجات مرتبطة بدراسة تصرفات المستهلكين، إلا أن أبحاثاً قليلة جداً اهتمت بعملية التخلص من المنتج.. ويلجأ المستهلك عادة إلى ثلاثة اختيارات عندما يريد أن يتخلص من المنتج وهي: إما الاحتفاظ بها، أو التخلص منها نهائياً، أو التخلص منها لفترة مؤقتة. كل من هذه الاختيارات لها أشكال متعددة، فعلى سبيل المثال لو أردنا الاحتفاظ بالمنتج فيمكن أن نستخدمه أو نحوله لاستخدام آخر، أو تخزينه (تحويله لاستخدام آخر كاستخدام فرشاة أسنان قديمة للتنظيف).

    وأيضاً لو أراد المستهلك التخلص من المنتج نهائياً فأمامه عدة اختيارات مثل: إلقاء المنتج في سلة المهملات، أو اعطائه لشخص آخر، أو بيعه أو تبديله بشيء آخر.

    وقد تبين أنه كلما زادت قيمة المنتج كلما تخلص منه المستهلك بطريقة تعود عليه بفائدة أكبر. ولذلك فإننا نجد أن الثلاجات وأجهزة التسجيل عادة يتم بيعها ولا يتخلص منها المستهلك برميها.

    وعملية التخلص من المنتجات يجب أن يهتم بها مديرو التسويق، لأن بعض أنواع المنتجات يمكن بيعها في سوق المنتجات المستعملة مما يؤثر على مبيعات المنتج الجديدة، فعلى سبيل المثال، إن بيع الكتب المستعملة يمكن أن يضر أو يؤثر على الناشر، على الرغم من أن الطلبة يستفيدون منها في الأجل القصير عن طريق دفع مبالغ أقل للكتب المستعملة.

    (2) التغلب على حالة عدم الانسجام بعد شراء المنتج:

    عندما يختار المستهلك ماركة معينة فانه سوف يشعر بالقلق تجاه شراء هذا المنتج، لأنه قبل اختيار المستهلك لسلعة ما فانه قد يشعر بحالة من الصراع الداخلي ليقرر هل يشتري أم لا؟ وما نوع السلعة التي يختارها؟

    إلا أنه بعد شرائه لسلعة مهمة نوعاً ما فإنه سوف يشعر أيضاً بمشاعر قلقة متفاوتة ويتساءل إذا كان اتخذ القرار الصحيح أم لا في عملية شرائه لهذه السلعة، وقد أطلق المتخصصون على هذه الحالة الشعور بالندم، والتي تؤدي بالتالي الي حالة عدم الانسجام مع المنتجات بعد الشراء، وعدم الانسجام مع المنتج بعد الشراء من المواقف التي يحدث فيها ردة فعل لدى المستهلك بعد الشراء حيث يتم تفضيل البديل الذي تم استبعاده على البديل الذي تم اختياره، مما يجعل المشتري يشعر بعدم الراحة النفسية.

    وهذه الحالة التي يمكن أن تحدث تسمى بعدم الانسجام الحسي أو التنافر.

    مجلة عالم الإبداع

    العدد 33

  • هل أفرادك المتميزون على وشك المغادرة؟

    جون ريه

    كيف يمكنني أن أعرف أن أفضل أفرادي أصبحوا جاهزين للمغادرة؟

    ما الذي يدفعهم لذلك؟ وكيف أستطيع أن أحتفظ بهم؟

    نلقي الضوء في الأسطر التالية على وضعك، هل أنت في ورطة؟ وكيف تتصرف إزاءها؟

    الأدلة العشرة التي تشير إلى جاهزية موظفيك للمغادرة:

    1. يبدؤون في تغيير طريقة لباسهم.
    2. يأخذون استراحة الغذاء بأوقات مختلفة.
    3. يتردى مستوى الإنتاجية لديهم.
    4. تبدأ تظهر عليهم سمات الهدوء والسكينة، أو يستغرقون في فترات صمت طويلة.
    5. تزداد طلباتهم للإجازات.
    6. كثيراً ما يعانون من التعب والإرهاق وحتى المرض.
    7. يتوقفون عن الصراع من أجل التفوق في مكانهم الوظيفي.
    8. يقلعون عن العمل التطوعي.
    9. تزداد المكالمات التي يتلقونها زيادة ملحوظة.
    10. يطلبون منك شهادة خبرة.

    لماذا يرغبون في المغادرة؟

    معظم الموظفين يضعون المال كسبب رئيسي لمغادرتهم، قد يكون هذا صحيحاً في بعض الأحيان، ولكننا نعرف جيداً أن المال عامل إرضاء وليس عامل تحفيز، فطالما أن الموظف يحصل على ما يرى أنه تعويض مناسب على جهده وعمله، فالمزيد من المال لن يشتري المزيد من الإنتاج، كما أن نقص المال لن يجعله يغادر، ولكن الراتب أو التعويض يبقى الحجة الأفضل لأي موظف يريد المغادرة لأنه السبب الآمن.

    وقد يدفعهم شعورهم بأن التقدير الذي يستحقه جهدهم يذهب إلى غيرهم إلى اتخاذ قرار المغادرة دون الكثير من التفكير، حتى ولو لم يكن هناك بديل جاهز.

    أهم الأسباب التي تدفع الأفراد اللامعين إلى المغادرة هو شعورهم بعدم:

    اهتمام الإدارة بأدائهم.

    وبأن جهدهم لا يتلقى التقدير المناسب.

    كيف يمكنني أن أحتفظ بهم؟

    في الحقيقة، الأفراد مستعدون للبقاء إلى أن يصبح ألم البقاء يفوق ألم المغادرة المحتملة، غالباً ما يكون ألم المغادرة لدى الأفراد المتميزين أو البارعين في أعمالهم بسيطاً، لأنهم يعرفون أنهم سيحدون فرصاً أفضل، فإذا أردت أن تحتفظ بهم خفف من ألم البقاء..

    لا تعامل أفرادك كأدوات إنتاج فحسب، لأن هذا يزيد من ألم البقاء، فهم أفراد لهم مشاعر وأحاسيس، كذلك هم أذكياء بما يكفي ليقرؤوا ما وراء السطور.

    عالم الإبداع

    العدد 33

  • مجاناً | كتيب (١٠٠ مصطلح إداري وقيادي) للدكتور طارق السويدان

    يمكنك الحصول على نسختك الخاصة ومجاناً من الكتيب المميز:


    (100 مصطلح إداري وقيادي) للدكتور طارق السويدان


    تجد فيه أهم المصطلحات والمفاهيم الإدارية والقيادية والمالية مع شرح مختصر لها.
    قام الدكتور طارق السويدان بإعادة تعريفها لتكون أكثر دقة ووضوحاً، ومختصرة سهلة الحفظ.
    اجعله أنيسك الإداري في جهازك المحمول، ومرجعك الميسر الذي تدل عليه أصدقاءك وموظفيك.

    حمل الكتيب مباشرة: اضغط هنا

  • أساليب بسيطة في تحقيق التدريب المجدي

    البروفيسور مارك سكولارد

    والبروفيسور جيفري سوجرمان

    في محاولة لتقديم منظور المتدربين إلى التدريب:

    ما هو المهم، ما هو المجدي، وما هو غير المجدي من أساليب وتقنيات التدريب؟

    طرحنا على 4967 مشاركاً في دراستنا السؤال عن عناصر التدريب المستخدمة في تجاربهم التدريبية الأخيرة وكيف أثر غياب – أو حضور – تلك العناصر على فاعليتهم الوظيفية job effectiveness.

    لم يكن سؤالنا عن دور تلك التقنيات في تحسين عملية التدريب، فقد كنا نريد أن نرى إذا كانت التقويمات الإيجابية تترجم إلى تحسن يلمسه المتدرب بنفسه فعلا في فاعليته الوظيفية.

    وبناءً على تحليل إجابات المتدربين المشاركين في الدراسة نُذكر في السطور التالية بأهم المقومات الواجب حضورها في التدريب المثمر:

    أولاُ: حل المشكلات

    يخبرنا اختصاصيو علم النفس أن البشر يتذكرون الأشياء على نحو أفضل عندما يبذلون جهدا في تعلمها،

    مثلا: وجدت إحدى الدراسات الكلاسيكية (عام 1979) أن المتدربين الذين حلوا ألعاباً لغوية صعبة في أثناء تعلمهم تذكروا معلومات أكثر بكثير من المتدربين الذين كانوا يطالبون بحل ألعاب لغوية أسهل.

    عندما تواجهنا مهمة حل المشكلة problem solving، فإننا نندمج بالمادة المدروسة بعمق أكثر، ننظر إلى المعلومات من زوايا مختلفة، نفكر في الصورة الشاملة، وننشئ المزيد من الارتباطات بين العناصر الملاحظة.

    ولكل هذا الجهد حصيلة قيمة، فبالفعل من بين كل ممارسات التدريب التي سنعرضها هنا، تُبرز ممارسة حل المشكلات التأثير الأكبر على فاعلية التدريب.

    في دراستنا قال %86 من المشاركين الذين تضمن تدريبهم تحدي حل المشكلات بأن تدريبهم جعلهم أكثر فاعلية في وظائفهم، وفي الجانب الآخر 339 فقط من الذين لم يمارسوا حل المشكلات في تدريبهم قالوا بأن ذلك التدريب أفادهم في تحسين فاعليتهم الوظيفية.

    وزيادة على تحسين الفاعلية الوظيفية، يبدو لحل المشكلات دور كبير استمتاع المتدربين بالتدريب.

    ثانياً: الأمثلة المتعددة

    الأداة الأخرى المهمة في تحسين فاعلية المتدربين الوظيفية هي استخدام الأمثلة المتعددة.

    يستخدم معظم الناس الأمثلة عند تعليم موضوع جديد، فالأمثلة تساعد المتدربين على رؤية القضايا في سياق الحياة الواقعية وتساعد على جعل المفاهيم المجردة ملموسة، ولكن في كثير من الأحيان نستخدم مثالا واحدة وحسب لتبيين وجهة نظرنا.

    بينت الدراسة أنه كلما كثرت الأمثلة التي يراها المتلقون ازداد حجم ما يتذكرونه من الموضوع، إحدى الدراسات وجدت أن المتعلمين الذين تلقوا ثلاثة أمثلة استرجعوا معلومات تزيد عن ضعفي المعلومات التي حفظها من تلقوا مثالا واحداً.

    من منظور إدراكي فإن استخدام الأمثلة المتعددة يشجع تفكير التوسع والإغناء elaboration، فبالأمثلة المتعددة يتمكن المتدربون من توسيع الفكرة الجديدة وتعميقها وربطها بما يعرفون من قبل.

    في دراستنا، قال %87 من المشاركين الذين احتوى تدريبهم على أمثلة متعددة بأن التدريب جعلهم أكثر فاعلية في أداء وظائفهم، وفي الجانب الآخر أفاد %55 من الذين لم يحتو تدريبهم على أمثلة عديدة بأن ذلك التدريب قد حسّن فاعليتهم الوظيفية.

    ثالثاً: تضمين الممارسة practice:

    الممارسة في التدريب هو مطلب بدهي، ولا بد من وجود أسباب عملية وجيهة لشيوع مقولات مثل “الممارس غلب الفارس”.

    تتيح الممارسة للمتدربين فرصة الحصول على التغذية الراجعة بشأن تمكنهم من المهارات الجديدة، وعندما تواجههم المشكلات فإن المساندة اللازمة موجودة لوضع أيديهم على مواضع الخطأ في التطبيق.

    وبالإضافة إلى ذلك تدفع الممارسة المتدربين إلى تمثل internalize المعلومات التي يتلقونها، إنها لا تتيح فرصة لترك المعلومات تدخل من أذن وتخرج من الأخرى، فحتى يتمكن المتدربون من التطبيق لابد لهم من تناول المعارف الجديدة في مستوى أعمق.

    إن معرفتنا بأهمية الممارسة كمكون جوهري في التدريب جعلتنا نذهل عندما وجدنا أن الذين تضمن تدريبهم ممارسة لا يتجاوزون نصف المشاركين في دراستنا، لقد أشارت الدراسة إشارة واضحة إلى أهمية الممارسة: حيث 91% في المئة من المشاركين في الدراسة الذين احتوى تدريبهم على الكثير من الممارسة قالوا بأن التدريب جعلهم أكثر فاعلية في وظائفهم، بينما 55% من الذين لم يحتو تدريبهم على ممارسة معتبرة قالوا ذلك.

    رابعاً: التخطيط التنفيذي

    العنصر الجوهري الرابع الذي أبرزته دراستنا في التدريب هو التخطيط التنفيذي action planning.

    90% من المشاركين الذين احتوى تدريبهم على تخطيط تنفيذي قالوا بأن التدريب جعلهم أكثر فاعلية في وظائفهم، بينما 60% من الذين لم يحتو تدريبهم على التخطيط التنفيذي قالوا ذلك.

    إن وضع الخطة التنفيذية يجعل المتدربين يستكشفون كيفية استخدام مهاراتهم أو معارفهم الجديدة في حياتهم العملية، ومن خلال تخيل كيفية ارتباط المعلومات الجديدة بعملهم اليومي فإن المتدربين يدخلون في مستوى أعمق لمعالجة تلك المعلومات، يقوم الدماغ بالمكاملة بين الأفكار والمهارات الجديدة و بين المعارف المتوفرة من قبل، وهكذا يصبح للمعارف الجديدة مغزى أكبر ومعنى أوسع، وتزداد فرصة استخدامها بالفعل من قبل المتدربين في حياتهم اليومية.

    الخلاصة: ماذا تعني لك الدراسة السابقة؟

    إنها تعني أنك لست بحاجة إلى إرهاق نفسك في الكثير من المناورات والأساليب المعقدة حتى ترسم وتقدم تدريبا فعالا.

    إن زيادة محتوى التدريب من تقنيات بسيطة مثل: حل المشكلات والممارسة والأمثلة العديدة والتخطيط التنفيذي، سوف تمكنك بالتأكيد من تزويد المتدربين بتدريب يلمسون تأثيره الكبير على زيادة فاعليتهم الوظيفية كما يلمسون تفاعلهم العميق واستمتاعهم به في مكان التدريب.

    مجلة عالم الإبداع

    العدد 46

  • لماذا الفشل في تنفيذ ما نخطط له؟

    هل الإنسان المخطط الذي ينوي ان يقوم بعمل ما ، ليس ذات الإنسان المنفذ الذي لم يلتزم بالتنفيذ؟ 

    بداية هناك فرق بين التخطيط حسن المقصد والتنفيذ السيء.

    • ما الذي يخلّ بخططنا؟
    • هل الأحداث غير المتوقعة من حولنا؟
    • هل لأننا نصنع خططا تتعارض كليةً مع افعالنا السابقة؟

     

    كل شخص لديه خطة إلى أن يتلقى ضربة في وجهه

    الملاكم تايسون

     

    فالمخطط الذي ينوي تحديد موعد نهائي هو نفس المنفذ الذي نسي تجاربه السابقة وعدم التزامه بالمواعيد النهائية السابقة. وتستمر الفجوة في الاتساع بين المخطط والمنفذ.

    قد يكون لدينا الخطة والوعد بالالتزام بها لكن لم نستطيع التغلب على بيئتنا فالمنفذ في داخلنا قد لا يستطيع الالتزام بالوعد الذي قطعه على نفسه.

    • البيئة هي أكثر ما يلكمنا في وجوهنا.
    • تنفيذ الخطط يعني التزام وارادة.

    د. محمد سالم أبوراضي

     

     

    الآراء والمعلومات الواردة في المقالات تعبّر عن وجهة نظر أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر (عالم الإبداع)

     

     

  • 7 خصال و 15 سؤالًا كي تجد أفضل الموظفين

    ستساعدك الأسئلة الآتية على أن تقيم بدقة أكثر حيازة سبع خصال شخصية وخلقية جوهرية تسعى شركتك وكل شركة لضمها إلى ذخيرتها وأصولها

    ١. الصدق

    • هل هناك بأس في أن تخبر زائرًا أو بائعًا أو جامع تبرعات فتقول له فلان غير موجود، مع أنه موجود؟
    • هل سبق أن طلب منك رئيس عمل أن تكذب كذبة بيضاء؟ وكيف تصرفت؟

    ٢. أخلاقيات العمل

    • هلا تحدد لي ماذا يعني لديك تأدية عمل بطريقة جيدة؟ وبعمل ممتاز؟
    • في موقع عملك الأخير، في أي مهمة معينة أو مشروع تعتقد أنك أدّيت عملًا جيّدًا؟ حدثني حديثًا محددًا واشرح لي لماذا يُعدّ عملك جيّدًا؟

    ٣. مقدرة التعلم وإرادته

    • اذكر لي -من فضلك- بعض الكتب أو الأقراص المضغوطة التي تضمها مكتبة تطويرك الذاتي في المنزل.
    • ما آخر كتاب جادّ قرأت؟ ما الذي أعجبك فيه أكثر؟ ماذا طبقت منه أو ماذا غيرت بناء على قراءتك له؟

    ٤. التمسك بالالتزامات

    • تحت أي عوائق يصبح مقبولًا التخلي عن التزام معين، أو عدم تأدية ما وعدت بفعله؟
    • ما آخر التزام لم تنفّذه؟ ولماذا؟

    ٥. الصبر والحلم والمسامحة

    • ما أصعب شيء سامحت عليه أو تنازلت عنه في مكان العمل؟
    • كيف تعاملت مع الأمر؟ هل ما تزال قادرًا على مواجهته ومعالجته؟

    ٦. الدقة في حفظ الوقت والوفاء بالمواعيد

    • متى كانت آخر مرة تأخرت فيها عن أي شيء؟ ولماذا؟ وكم كنت متأخرًا؟ وكيف تعاملت مع الأمر؟
    • إليك هذا المثل «التأخر خيار متغطرس» هل توافق عليه، أم هل تراه مفرطًا في الشدة والحكم على الناس؟ هل تعتقد أن التأخر مؤشر على التكبر والغطرسة؟
    • هل تخلفت مرة عن موعد نهائي لمسألة مهمّة في نطاق العمل؟ حدثني عن ذلك.

    ٧. تحمل المسؤولية

    • من الواضح أنك أنجزت كثيرًا في حياتك حتى الآن؛ ولكن لو كان لك أن تذكر لائحة بثلاثة عوامل منعتك من تحقيق المزيد وأن تكون في موقع أفضل مما أنت عليه الآن فماذا ستكون هذه العوامل؟
    • ننتظر من أيّ شخص يعمل معنا خوض قدر من المخاطرات، وإجراء مبادرات؛ ومن ثمّ الوقوع في أخطاء بين حين وآخر. حدثني عن بعض الأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها في أثناء عملك السابق وماذا تعلمت منها؟

     

  • لخص قيادتك في ست كلمات

    ذات مرة وضع هذا التحدي أمام الأديب إرنست همنغواي: اكتب قصة من ست كلمات، هذا مستحيل كان بعضهم يظن، لكن لا ليس على همنغواي. وفي صبيحة اليوم التالي كتب: «للبيع، حذاء طفل، لم تدخله قدماه قط».

    يتبنّى سكوت إيبلين الفكرة ذاتها، تلخيص القائد إرثه القيادي: «يحتاج وقتًا وجهدًا تكثيف خلاصة ما تسعى للقيام به في فكرة واحدة موجزة يسهل تذكرها».

    تلخيص حياة المرء في كلمات معدودات هو تحد جسيم. إن محاولتك وضع تذكار لفظي بست كلمات يمكن أن يكون تمرينًا مفيدًا في التحليل الذاتي، خصوص إن طبقت العملية لتمحيص غاياتك ونتائجك ومُراجعتها. هل نحقق ما انطلقنا إلى تحقيقه؟ هل أساعدهم والفريق على النجاح؟ هل تصمد نتائجك إزاء امتحان الزمن؟

    السؤال الأعظم قيمة لأي قائد هو: هل تترك المنظمة وهي في موقع أفضل من موقعها يوم دخلتها؟

    لسوء الحظ اكتشفنا أن الركود الاقتصادي الذي نمر به كان ناجمًا جزئيًّا عن قادة تنفيذيين لم يتركوا منظماتهم في حال أفضل؛ مع أنّهم أنفسهم تركوها وجيوبهم مملوءة بمزيد من المال، ويعمل تمرين الكلمات الست للقادة كنوع من الإلهام وتحريك الطموح: كيف أريد أن يذكرني الناس؟

    إن كنت في مقتبل أو وسط مسيرتك المهنية فأمامك وقت للتّغيير حتى تستطيع أن تصبح القائد الذي يمكنك أن تكونه. فكّر في الأسئلة الثلاثة الآتيية لتعينك في البحث عن إجابة لمطلب: كيف تلخص حياتك العملية في ست كلمات أو أقل؟

    ما الذي يجعلني أنهض من فراشي كل صباح؟

    لدى بعضهم الإجابة هي: فرصة العمل مع الآخرين في مشروع له معنى حقيقي، أو بكلمات أخرى: يسهم في تحسين جودة حياة الناس.

    كيف يمكنني أن أساعد؟

    نحن البشر مفطورون على الاندفاع بالعمل في سبيل أهداف أكبر من ذواتنا، وهكذا يحقق القادة المنجزات من طريق جهود الآخرين. من أهم الواجبات عليهم أن يوجدوا الأوضاع المُلائمة للآخرين كي ينجحوا.

    ما تأثيري؟

    سلطتك المباشرة على أعضاء فريقك هي نقطة ارتكاز لكن تأثيرها قد يكون محدودًا. في المنظمات، خصوصاً في أوقات المصاعب حيث تتناقص الموارد، يحتاج القادة إلى تطبيق تأثيرهم بالإقناع الفعال المتجذر بالثقة.

    يمكنك اعتماد تمرين التذكار بست كلمات ليناسب احتياجات أخرى. مثلاً: كيف يمكنك أن توصف تحديًّا يواجه فريقك بست كلمات وحسب؟ مثلًا: مهمة شاقة. أناس ملتزمون. مواصلة العمل. أو: نحتاج أفكارًا مبتكرة. اليوم قبل الغد. النجدة! حتى يمكنك أن تصنع منه لعبة في اجتماع طاقمكم القادم. شجع العاملين معكم على الإسهام بكلماتهم السّت كوسيلة لتحريك التفكير في المسائل، والتحديات، والفرص التي ترونها أمامكم.

     

زر الذهاب إلى الأعلى