القيادةمجلة عالم الإبداع

المرأة القائدة.. أصيلة المسلك كما هي أصيلة الوجود

مارثا كارلسون

في الغرب، تعتبر هذه الأيام مرحلة تاريخية للنساء المحترفات، فإنجازات المرأة قد أنهت النقاش حول مقدرة المرأة على تولي الأمور وأثبتت نجاحها في المناصب القيادية.

وفي هذه الأيام تحاول النساء أكثر من أي وقت مضى إثبات مطالبهن وإدخال تغييرات عظيمة على مكان العمل، فحسب إحصائيات وزارة العمل الأمريكية، في عام 2007:

– يشكل واحد وسبعون مليون امرأة نسبة تبلغ 46% من القوة العاملة في الولايات المتحدة.

– النسبة الكبرى من النساء الموظفات (39%) تعمل في الإدارة والمهن التخصصية.

– تحوز النساء على نسبة 51% من مواقع العمل الإداري والمهني التخصصي الأعلى أجوراً.

– يزيد عدد النساء على عدد الرجال في مهن مثل الإدارة المالية، وإدارة الخدمات الطبية والصحية، والمحاسبة والتدقيق، تحليل الميزانيات، وإدارة الموارد البشرية.

في زمن المعايير المزدوجة، يبقى النجاح بطريقتك هو السياسة الفضلى:

بالرغم من الحضور القوي في مكان العمل ما يزال واجباً على النساء المتربعات في المواقع القيادية الرفيعة عمل الكثير، إن عدد النساء بين الموظفين الأعلى أجراً، وبين أعضاء مجالس الإدارة ومناصب القيادة التنفيذية في بعض القطاعات ما يزال قليلاً وغير مكافئ للنسبة بين أعداد الموظفات والموظفين.

وتبين الأبحاث أن التغيير الاجتماعي الذي كان ينتشر خلال السنوات الخمسين الماضية، لم يصاحبه تغيير مواكب في التصورات النمطية للمرأة والرجل.

هنالك معايير مزدوجة تطبق على النساء في مكان العمل، إذا تصرفن وفق النموذج النمطي للمرأة يقال عنهن طريات العود، وإذا انتقلن إلى الطرف الآخر وانتحلن الخصائص التقليدية للرجال ينعتن بالمتصلبات. وعلى المنوال نفسه نرى أنه عندما تبرز النساء سلوكات قيادية عالية القيمة تقليدياً مثل: الاعتداد بالنفس

ينظر إليهن – غالباً – على أنهن ذوات كفاءة ولكن فاشلات في التعامل الشخصي.

ويقترن ازدواج المعايير السابق بظاهرة أخرى هي الميل إلى تقويم النساء قياساً على معايير أداء أعلى ومقابل مستويات مكافأة أدنى.

کامرأة محترفة في مجال التدريب للنساء القياديات فإن وظيفتي هي أن أتفهم وأوصل لهن الخصائص التي تساعدهن على استدامة فاعليتهن وتحقيقهن لذواتهن في خضم بحار القيادة، وفي السطور التالية أقدم أهم الخصائص التي أراها لازمة لنجاح المرأة في المواقع القيادية المتقدمة.

  • الأصالة:

الأصالة هي وعي المرء لذاته وتصرفه بناءً على ذلك الوعي.

إن هذه الخصلة تمكن المرأة من التفهم العميق لما عندها من قوى ومآخذ وطموحات ومخاوف، العنصر الأساسي هنا هو مقدرتها على تحويل الوعي للذات إلى أداة عمل، وأن تقوم عن قصد وتصميم باختيار طريقتها في تعظيم ما تولده قواها من ثمرات واستدراك ما لديها من مآخذ.

النجاح ممكن عندما تستقر لدى المرأة القناعة بأنها غير مضطرة إلى التحول إلى رجل أو إلى اتباع مسالكه حتى تكون عالية الفاعلية، ما تحتاجه حقاً هو إدراك أنها يجب ألا تكون غير نفسها وأن تتصرف بصدق.

القائدة الأصيلة تدرك كيف أن الأصالة تتوارى أحياناً خلف اللباقة والرزانة، وهي تعي وتطبق حقيقة أن ما لم يُقَل كثيراً ما يكون أقوى تأثيراً مما يقال.

  • تجاوز الخوف… التحرك بالإقدام وليس بالهرب:

يقف خلف سلوكنا – نحن البشر- دافعان، الأول هو إشباع احتياجاتنا، والثاني هو الدفاع عن إحساسنا بالأمان.

عندما يكون محركنا هو الدفاع عن إحساسنا بالأمان – سواء أكان ذلك في مجال العلاقات مع الآخرين،  أم في مجال إحساسنا بقيمة أنفسنا ومقدرتنا على الفعل والتأثير – فإننا نتصرف بدافع الخوف، وسوف يضر ذلك بفاعليتنا ضرراً محققاً.

وأما عندما يكون محركنا هو إشباع حاجاتنا إلى حد الرضا فإننا نطرح مخاوفنا جانباً ونركز على ما نريد تحقيقه، وسنكون عندئذ أوفر حظاً في تنفيذ ذلك فعلاً.

إن القادة المتخلصين من قيود الخوف هم القادرون على اقتحام المخاطرات المحسوبة وتمييز عناصر الربح والخسارة فيها، القائدة الناجحة المندفعة بالطموح لا بالخوف تدرك أن الفشل عندما يغلق أحد الأبواب أمامها إنما يفتح العديد من نوافذ الفرص.

  • التركيز:

نحن النساء قد نرى أنفسنا أحياناً البطلات الخارقات العاملات اللواتي يرضين على أكمل وجه مطالب عملنا وأسرنا ومجتمعاتنا، ولكنني لا أوافق على هذا التصور أبداً، بل أرى أنه لتحقيق الفاعلية ولاستدامة التقدم نحو أي من أهدافنا الغالية يجب الإقلاع عن صورة المرأة القادرة والناجحة في كل شيء، والقيام باختيار إرادي واع لوجهة تركيز محددة.

نعم قد نستطيع خدمة جهات عديدة في وقت واحد، ولكن لا يمكننا الوفاء بكل الاستحقاقات على أكمل وجه إلا لجهة واحدة.

إن وضوح ما هو أساسي من النشاطات لنجاحنا وتحقيق ذواتنا واستدامة تركيزنا الأشد على وجهة واحدة سوف يزيد فرص نجاحنا في تحقيق أهدافنا عشرات المرات.

  • الطاقة:

لا يمكننا تحقيق النجاح باستنفاد كل ما لدينا حتى نحترق، باذلين ساعات أكثر للعمل على حساب الراحة والنوم، ومستنزفين عافيتنا.

يجب أن نعرف ونلتزم بتأمين ما يمدنا بالطاقة في الجوانب الجسدية والعاطفية والذهنية والروحية، ويتضمن هذا إعطاء أنفسنا أوقاتاً كافية من النوم والرياضة، والتعامل الصحيح مع المشاعر السلبية وتغذية المشاعر الإيجابية، وترتيب أولويات النشاطات والاهتمامات وتوزيع الوقت والطاقة إلى الأولى فالأولى.

  • طريق النجاح واحد … للرجال والنساء:

عندما تنظر – عزيزي القارئ – في قائمة الخصائص السابقة، فإنك ترى أنها تنطبق على الرجال انطباقها على النساء دون أي فرق.

لا توجد أية خصلة من تلك الخصال مذكرة ولا مؤنثة، وهذا يقودني إلى القول بأن أياً من الجنسين لا يمكنه زعم امتلاكه المفاتيح حصرياً للفاعلية والإنجاز، وهو ما يعطيني أيضا ثقة لا حد لها في مستقبل قوة نسائية متنامية في المواقع القيادية الرفيعة.

مجلة عالم الإبداع

العدد 46

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى