بطريقة ما أصبح تدريب المبيعات الناجح يستدعي في الأذهان صورة مصنف ضخمة من الاستمارات والمواد التعليمية المطبوعة يحمله معه محترف البيع عندما يعود إلى بيته (ولا يفتحه بعد ذلك أبداً).
إن تجربة غرفة الصف هذه مرتكزة أساساً على الاستذكار الحفظي لمقررات. هناك مقدار قليل يقدم بطريقة التفاعل، والتمارين العملية، أو محادثة مجدية حول العقبات الصعبة في عالم الواقع التي ينبغي تجاوزها. صفوف التدريب عبارة عن جلسات معلبة تعلم بالطريقة ذاتها مرة بعد مرة، بغض النظر عن تغير المشهد التنافسي. في هذه المقالة نراجع أربعة عناصر حيوية ينتشر فقدها في برامج تدريب المبيعات Sales training programs الدارجة هذه الأيام. تأمل في برنامج تدريب المبيعات لديك لترى نجاته من المشكلات التالية:
ليس مبنياً على مقابلات الفوز – والخسارة مع العملاء
لسوء الحظ لدي خبر سيء أطلعك عليه مبني على مقابلاتي لأكثر من ألف من العملاء كجزء من دراسات تحليل الفوز والخسارة التي أجريتها لصالح عملائي.
في ثلاثين بالمئة من الأوقات تقريباً الفوز في دورة المبيعات كان يقرر قبل بدء عملية الاختيار “الرسمية”. وفي 45 بالمئة أخرى من الأحوال، كان الزبائن قد رسا اختيارهم على من سيشترون منه في منتصف مسار العملية تقريباً.
هذا يعني أن 75 بالمئة من الأحوال يتخذ الزبائن قرارهم في منتصف الطريق. في 25 بالمئة وحسب من الأحوال رأينا العملاء يتخذون قرارهم النهائي في نهاية عملية الاختيار. لذلك إن لم تكن أنت في الطليعة عند منتصف عملية الاختيار ففرص خسارتك راجحة.
وهاكم حقيقة أخرى مزعجة: في كل الأحوال تقريباً لم يكن القرار حتى متقارباً بين أعلى اختيارين. رغم أن الزبائن اتخذوا قراراتهم فإنهم ظلوا يجعلون كل البائعين الآخرين يقفزون لاهثين في سلسلة من التحديات لأجل لا شيء، مضيعين بذلك وقتهم الثمين ومواردهم وطاقتهم الشعورية والذهنية.
النقطة الرئيسة المستفادة من المعلومات السابقة هي أنك لا يمكنك فعلاً أن تدرّب فريق مبيعاتك على كيف ولماذا الزبائن المحتملون يصنعون قرارات شرائهم إن كان تدريبك غير مستند إلى مقابلات مباشرة مع صناع القرار حول الفوز والخسارة في تنافس البائعين على اختيارهم.
يقدم نموذجاً غير مكتمل لصناعة قرار العميل
تشترك كثير من برامج تدريب المبيعات المعاصرة في خلل أساسي واحد. إنها تنظر إلى العملاء كصناع قرار منطقيين يستخدمون المنطق والمحاكمة العقلية وحسب، هذا في حين أن محترف البيع الناجح يتفهم ويخاطب صانع القرار الوجداني والسياسي والتحت – شعوري Subconscious.
إن برنامج تدريب المبيعات ينبغي أن لا يقتصر على تثقيف محترفي البيع حول الخصائص والوظائف ومزايا البزنس. بل يجب عليه أن يشرح الأسباب السيكولوجية التي تجعل العملاء يشترون، ويقدم أمثلة عملية واقعية على كيفية دمج عناصر سلوك المشتري ضمن استراتيجية مبيعات رابحة.
يشتري الناس المنتجات التي يعتقدون أنها ستساعدهم في تلبية احتياجات سيكولوجية متجذرة بعمق: إرضاء الأنا، تقبل المرء كعضو في مجموعة، تجنب المعاناة، وضمان الاستمرار. كل التجليات الظاهرية الأخرى لعملية صناعة القرار لدى العميل (أي التحليل، وحسابات العائد الاستثماري، وغيرها من الدراسات الداخلية) هي ليست إلا وسائل لتحقيق هدف سيكولوجي مسيطر. لذلك ينبغي في برنامج التدريب أن يأخذ في الحسبان القيمة السيكولوجية لحلولكم، ويشرح كيف يمكن التأثير في سياسات صناعة القرار في المنظمات المستهدفة.
يشتري الناس المنتجات التي يعتقدون أنها ستساعدهم في تلبية احتياجات سيكولوجية متجذرة بعمق
الافتقار إلى انتقالات ثقافية مؤثرة
لا أحد يريد الجلوس وتحمل ساعات من المحاضرات تصب في أذنيه صباً. إضافة لذلك فإن التعلم بالمثال هو الطريقة الأفضل لتعلم شيء جديد. “النقل الثقافي cultural transmission” هو أسلوب لتعلم تقنية سلوكية عن طريق محاكاة ممارس ناجح باعتباره قدوة Role model.
هناك ثلاثة اصناف من الانتقالات الثقافية ينبغي تضمينها في برنامج تدريب مبيعات.
أولاً: ينبغي توفر قصص نجاح حول انتصارات جوهرية مشروحة باستخدام امثلة يمكن لكل الفريق تفهمها والتعلم منها.
ثانياً: ينبغي احتواء البرنامج على تمارين لعب أدوار role play exercises تشمل كل شيء من ديباجة المصعد elevator pitch والمكالمات الباردة cold calls إلى العروض التقديمية للشركات والمفاوضات.
الديباجة أو ديباجة المصعد elevator pitch: مقدمة عرض وإقناع سريعة مخططة للتقديم وتغطية نقاط مهمة في فترة قصيرة جداً.
المكالمات الباردة: مكالمات المبيعات المجراة مع أشخاص لا سابق معرفة بينهم وبين المتصل.
ثالثاً: محترفو البيع الممتازون ينبغي أن تجري معهم مقابلات جماعية حول مبادئ أسلوبهم، استراتيجية مناطقهم، ومتى يكسبون ومتى يخسرون، يتبعها جلسة من أسئلة المستمعين الموسعة والإجابات عليها.
لا يتناول تنفيذ مكالمات المبيعات
كثير من الشركات يصنفون موزّعي منتجاتهم حسب القيمة وحسب درجة الأهمية الاستراتيجية للمنظمة.
كذلك تصنف الشركات زبائنها الحاضرين تبعاً لمقدار الأموال التي ينفقونها لديها والمنتجات التي يشترونها. لسوء الحظ، شركات قليلة جداً اليوم تقوم بأي نوع من التصنيف لمكالمات المبيعات التي تنفذها قوة مبيعاتها. نتيجة لذلك فإن كثيراً من المعلومات القيمة حول ظروف الفوز والخسارة لا يتم تسجيلها، وفاعلية قوة المبيعات تضيع. مثالياً، ينبغي أن يزود محترفو المبيعات بدفتر قواعد وملاحظات (playbook) لتنفيذ مكالمات المبيعات بناءً على تصنيف المكالمات. تصنيف مكالمات المبيعات sales call segmentation هو أسلوب في تصنيف التفاعلات مع الزبائن بناءً على دور العميل المحتمل في منظمته، وتوجهه المهني (تقني، أو مالي، أو تشغيلي)، وقوته السياسية، وكيفية معالجته للمعلومات.
الغاية من استراتيجية التصنيف هي تقديم إطار تنبؤي يساعد محترفي البيع في توقع سلوك العميل. وبما أن محترف البيع لديه تبصر أعمق حول سلوك العميل بناءً على التفاعلات الماضية فإنه سيصبح أكثر مقدرة في إجراء مكالمات مبيعات أكثر إقناعاً. كذلك تفيد هذه الاستراتيجية كمنهجية تواصل لتثقيف وإعداد الزملاء (مهندسو ما قبل المبيعات pre-sales engineers الاستشاريون ومديرو المبيعات) الذين سيحضرون مكالمة المبيعات مع البائع.
خلاصة:
كل الشركات الناجحة تدرب قوة مبيعاتها على عملية تنوير العملاء حول المنتجات وإجراءات تقرير مؤهلات شركة العميل والاحتياجات التقنية. ومنظمات المبيعات العظيمة حقاً هي التي تتفهم بعمق كيف يفكر صناع القرار المحتملون. تستكشف وتنشر بين قوة مبيعاتها ومعلومات كيف تمكنوا من الفوز ومتى لحقت بهم الخسارة. يحللون تفاعلاتهم مع العملاء ويقدمون لقوة مبيعاتهم تكتيكات واقعية حتى يمكنهم اختتام التعاملات اختتاماً مستنيراً ناجحاً.
الكاتب: ستيف مارتن: مدرس استراتيجية المبيعات في كلية أعمال UCS Marshall