أقلامالقيادة

أمانة الإدارة

الأستاذ علي العجمي

تميزت إدارة الرسول “صلى الله عليه وسلم” للأمور بالدقة المتناهية في اختيار الرجل وإسناد العمل إلى كل واحد حسب كفاءته، وقدرته العقلية والجسدية، ويتجلى ذلك في تعامله “صلى الله عليه وسلم” مع الرعيل الأول من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فقد أسند إليهم الأمور، ولقب بعضهم بألقاب معينة تبين اختصاصه، وتميزه في بعض مجالات الحياة، وانفراده في بعض أنواع العلوم والمعارف، فخالد بن الوليد كان قائداً جراراً وسيف الله المسلول، وأبو عبيدة بن الجراح وصفه بأنه أمين هذه الأمة، وابن عباس عُرف بتبحره في التفسير والتأويل، وابن مسعود تميز في الفقه، وزيد بن ثابت اشتهر بعلمه الدقيق في الفرائض، فكان اختيار الرسول “صلى الله عليه وسلم” صائباً على الدوام.

ومن المواقف الجليلة في حياة الرسول “صلى الله عليه وسلم” الإدارية ما دار بينه وبين الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، حين جاء طالباً ولاية الأمر مثل أقرانه الذين أرسلوا إلى ولايات مختلفة لإدارة أمور تلك الولايات، وأبو ذر كان معروفاً بقوة إيمانه وصدق لهجته، وقد شهد له الرسول “صلى الله عليه وسلم” بذلك، وعرفه مجتمع المدينة بروح التقوى والإخلاص والنزاهة والزهد المثالي فيه، غير أن الرسول الأمين “صلى الله عليه وسلم” رده قائلا: “يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة”.

وهذه الكلمة الخالدة تفتح آفاقا واسعة في مجال الإدارة، فالصلاح وحده غير كاف لتسلم المهام السياسية والإدارية، بل يجب أن تتوافر في المرشح القدرة والكفاءة لمواجهة الصعاب وأداء الواجبات، والإدارة في الإسلام قبل كل شيء مسؤولية وأمانة، وإن التطوير الإداري مرتبط بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

من كتاب: 181 بطاقة للتميز الإداري

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى