كيف تكسب شهراً إضافياً للإنجاز في كل سنة
استخدم أسلوب آيفي لي Ivy Lee البسيط والفعّال
“وقت الإنسان أغلى موارد حياته”. أجل، إنه شعارٌ جميل يسهل الإعجاب به والحديث فيه. لكن ما لم يدرك الإنسان ماذا يعني هذا المبدأ في التطبيق العمليّ فسيبقى مدهوشاً وهو يرى عقارب الساعة تجري وجهود العمل تبذل ثم لا ترضيه الفاعلية والإنتاجية فكأنّ بعض أيّام العمر الغالية يتبخّر في الهواء!
عندما تتفكّر في مواقف الخيبة والهزيمة في حياتك من تجارة توقّفت أو مشروعٍ تعطّل أو روابط إنسانية أصابها الجفاف والإهمال ثمّ تسأل نفسك “لو كان لديّ مزيد من الوقت لأستعدّ وأخطّط وأتواصل ألم تكن النتيجة لتختلف؟” فستجد الإجابة في معظم الأحوال أجل بالتأكيد!
والآن: إذا أردت أن تجد في كل سنة من حياتك شهر إضافياً للعمل والإنجاز فكم تدفع لنا؟ لا تدفع نقوداً يا صديقي وحسبنا مكافأةً أن يحالفك التوفيق في التعرّف على نصيحة الخبير الراحل آيفي لي Ivy Lee وتطبيقها في إدارة وقتك بفاعلية أكبر.
نظام آيفي لي لإدارة الوقت: (بساطة + فاعلية) × التزام وعزيمة
في هذه الأيام يحيط بالإنسان وفرةٌ كالطوفان من أنظمة إدارة الوقت time management التي يحتاج تطبيق بعضها إلى حضورَ دورات تدريب، ولكنّ نظام الراحل آيفي لي Ivy Lee استشاريّ الكفاءة (أو الفاعلية) efficiency والإنتاجية productivity يبقى على الرغم من فاعليته الملموسة بسيطاً (والبساطة لا تعني السهولة بالتأكيد!).
من خلال هذا النظام يمكن أن تجدَ في كل يوم عمل فائدةَ ساعة إضافية وهو ما يعني نحو عشرين ساعةً في الشهر وشهر عملٍ إضافيّ كلّ سنة. 20 × 12 = 240. 240 / 8 = 30
وكشهادة على قيمة هذا النظام وفاعليته تقول القصّة التي يبلغ عمرها نحو مئة سنة أنّ آيفي لي Ivy Lee قد شرح النظام خلال مدة لا تتجاوز 25 دقيقة لرئيس شركة فولاذ بيت لحم الأمريكية. ثمّ قال الخبير لرئيس الشركة تشارلز شواب Charles Schwab: لا تدفع مكافأتي الآن، طبّق النظام في إدارة شركتكم ثلاثة أشهر، ثم أرسل شيكاً يناسب الفائدة التي تجدون أنّ الشركة قد حصلت عليها.
وبعد تطبيق النظام ونجاحه في رفع الإنتاجية بنسبة 20 بالمئة أرسل شواب لآيفي شيكاً بـ 25 ألف دولار (ألف دولار مقابل كل دقيقة) في عصرٍ كان فيه أجر العامل دولارين يومياً (حوالي العام 1918).
ما هو نظام آيفي لي؟
يجب أن تلزم نفسك بالاجتهاد في تطبيق هذا النظام ثلاثين يوماً على الأقل، وإن أفلحت في ذلك وتذوّقت حلاوة النجاح والحياة المنظّمة المثمرة فإننا واثقون من أنّك لن تلتفت إلى الوراء ولن تتراجع عن هذا المسار أبداً.
1/3 دوّن مهمّات كلّ يوم ورتّب أولوياتها مسبقاً. والتزم بأصغر عددٍ من المهمات لا تتجاوزه أبداً (6 مثلاً).
◄ دوّن مع نهاية كلّ يوم المهمّات التي ينبغي عليك إنجازها في اليوم التالي.
◄ رتّب أولويات هذه المهمّات: احترس من تعيين الأولويات المتقدّمة للمهمّات التي تهوى القيام بها. وتذكّر أنّ التجارب تبيّن لنا أفضلية البدء بإنجاز المهمّات الكريهة التي تجد نفسك أقلّ ميلاً لتناولها لأنّك بعدئذٍ ستجد المهمّات الأحلى مذاقاً قد أصبحت حافزاً لك على المتابعة. ابدا يوم عملك بمعالجة المهمة الأولى وحدها، ولا تحوّل نظرك عنها حتى تنتهي.
◄ ستجد عند نهاية كل يوم مهمّات لم تنجزها، تمهّل هنا ولا تحوّل عمل اليوم إلى الغد دون تفكير، رتّب أمورك مجدداً.
إنّ الإغراء السهل الذي يخضع له الكثيرون هو تحويل مهمّات اليوم غير المنجزة أوتوماتيكياً إلى اليوم التالي. لكن لا! تذكّر أنّ دوام الحال من المحال وأنّ الأولويات قد تتغير فعلاً بين ليلة وضحاها وما كان مهماً البارحة قد تجد ما هو أهمَ منه غداً.
لا يخلو أيّ يومٍ عملٍ عاديّ من شؤون غير عاديةً. وواجبك في الأسبوع الأوّل من تطبيق النظام أن تراقب وتسجّل مقدار وقتك المستهلك بسبب المفاجآت والمقاطعات غير المحسوبة.
2/3 إيجاد وقت احتياطيّ لمواجهة غير المتوقّع:
– تابع الخطوات المحدّدة في الأسبوع الأوّل، وأضف إليها تخصيص وقتٍ للتعامل مع المفاجآت. ترى كم يمكنك أن تخصّص بناءً على مراقبتك وتدوينك لعملك في الأسبوع الأوّل؟
لا تنسَ تدوين الوقت الذي تنفقه في إنجاز كلّ مهمّة.
3/3 اجعلها عادةً لك: تخصيص وقتٍ معيّن لكلَ مهمّة
بالوصول إلى هذه النقطة في برنامج ضبط الوقت والنشاطات المختلفة ينبغي أن يكون لديك تقدير معقول لما يمكنك إنجازه في كل يوم عمل، ويدخل ضمن هذا التأقلم مع المفاجآت وتخصيص وقتٍ لمعالجتها.
بتخصيصك وقتاً معيّناً لكل مهمّة فأنت تضع لنفسك هدفاً واضحاً معقولاً وبذلك ستزاد زيادةً كبيرةً فرصة إنجاز كلّ مهمّاتك المحدّدة ليوم عملك.
ثلاثة أسئلة لا بدّ منها:
عندما تضع لائحة المهمّات وترتّب أولوياتها ثابر على طرح هذه الأسئلة الثلاثة:
1- هل ينبغي أن أقوم أنا بهذه المهمّة؟ إن كانت الإجابة لا فحوّلها إلى من ينبغي تفويضها إليه.
2- أينبغي أن أقوم بهذه المهمة اليوم؟ (ماذا سيحدث لو لم أقم بها؟) وإن كانت الإجابة لا فلماذا وجدت المهمة على القائمة؟
3- هل القيام بهذه المهمّة يضيف قيمةً لي أو للشركة؟ إن كانت الإجابة لا فما الذي يبرّر مجرّد التفكير في هذه المهمّة؟
للحفاظ على خطة وقتك اليوميّة صحيحةً مثمرة: 20 اختباراً أساسياً
بعد المبادئ السابقة نقدّم لك عزيز القارئ لائحةٍ بعشرين سؤالاً أساسياً ينبغي أن يصبح التفكير فيها عادةً لديك وأنت ترسم وتراقب وتصحّح وتطبّق خطتك اليومية لإدارة وقتك وإنجاز واجباتك وإثراء حياتك:
- هل أنجزتُ كل أهدافي ذات الأولوية المتقدّمة؟
- هل قاربتُ أو تجاوزتُ كل أهدافي الأخرى؟
- هل استثمرتُ من الوقت في إقناع الآخرين المقدار المعقول الذي رسمته مسبقاً؟
- هل اتصلتُ بكل عميلٍ على لائحتي لهذا اليوم؟ إن لم أفعل فلماذا؟ ما الذي يمنعني؟
- كم من الوقت أنفقت في استكشاف وتقريب عملاء جدداً لمؤسستنا؟
- كم ضيّعت اليوم من الوقت بسبب التسويف؟
- ما العمل الأكثر قيمةً وجدوى الذي قمت به اليوم؟
- ما العمل الأدنى قيمةً الذي قمت به اليوم؟
- من بين كلّ الأشياء التي أعتبرها مضيعةً للوقت أيّها يمكنني أن أتجنّب الآن أو أتخلّص منه نهائياً؟
- كم أنفقت من الوقت على أمورٍ فيها أكبر فائدة أو ربح لي؟ وهل يمكنني تخصيص مزيد من الوقت لهذه الأمور؟
- هل كان عملي اليوم مفيداً ومربحاً لي؟ وللشركة؟
- هل أنهيت كل الأعمال الورقيّة التي ينبغي إنهاؤها؟
- في هذا اليوم كم يبلغ مقدار نشاطاتي التي تقرّبني فعلاً من تحقيق أهدافي؟
- كم خصّصت من وقت لأجل عائلتي وأصدقائي؟
- ماذا يمكنني أن أفعل لتحسين أجواء الأوقات الخاصّة التي أمضيها مع عائلتي وأصدقائي وتحسين فوائد هذه الاوقات؟
- كم من الوقت أخصّص لنفسي؟
- لو كان لي أن أعود بالزمن إلى الوراء وأفتتح هذا النهار من جديد فماذا سأغيّر من تصرّفاتي؟
- ما الأمور التي أفتخر وأسرّ بأنني قمت بها اليوم؟
- هل اتصلتُ هاتفياً او الكترونياً ووجّهت شكري لمن تعاملوا معي اليوم أو من يسّروا لي إنجاز تلك التعاملات؟
- ما الأمور أو الأشخاص الذين تسببوا اليوم بأكبرِ تضييعٍ لوقتي؟
أهمّ عشرة أخطاء مدمّرة في إدارة الوقت
ما الخطوة الأولى التي يتبعها رجال الإطفاء في مكافحة الحرائق؟ أجل إنّهم يسارعون إلى تحديد مصادر الوقود والهواء التي يتغذّى منها الحريق ويركزون جهودهم على قطع هذه المصادر. وإلاّ فماذا ستثمر جهود الإطفاء من جانب إذا كان طعام النار يتدفق إليها من الجانب الآخر؟
والآن تخيّل أن وقتك هو بحيرة ماء تولّد منها الطاقة وتسقي حقول حياتك. إذا وضعت في اعتبارك أنّ كل قطرة ثمينة تخرج من هذه البحيرة تذهب دون رجعة ولا سبيل إلى التعويض عنها فأين ينبغي أن ينصرف تركيزك اوّلاً؟
أجل، ينبغي البدء بالقضاء على كلّ المنافذ والشقوق التي يتسرّب الوقت من خلالها مهما بدت صغيرة لا يؤبه لها.
فيما يلي تذكرة بأهمّ مضيّعات الوقت وتخفيض الفاعلية والإنتاجية وتذكرةٌ بمبادئ القضاء عليها.
1- الهجوم بأشدّ قوة واندفاع والجري بأكبر سرعة في إنجاز كلّ شيء
اعمل بذكاء وتنظيم وليس بشدة وإرهاق، استعجل برويّة وأسرع بهدوء!
2- الغرق في دوامة الإعادة والتصحيح والندم والمراجعة:
تعلّم الالتزام بمبدأ “الإنجاز على أفضل وجه منذ أوّل مرّة”
3- التسويف: سننجز المطلوب قريباً، بعض التأجيل لن يضر، ثمّ إننا لا نعبث! هناك عملٌ آخر نقوم به!
واجه الأمور بشجاعة وحزم واتجه إلى جوهر الأمور فوراً.
4- الأحاديث الهاتفية غير الضرورية أو المطوّلة طولاً غير ضروريّ:
التزم بمبدأ خير الكلام ما قلّ ودلّ، وتمّ في أوانه.
5- الاجتماعات غير الضرورية أو المطوّلة طولاً غير ضروريّ.
جهّز كل ما ينبغي لضمان الوضوح والدقّة والفائدة المثلى في اجتماعات العمل
6- لقاءات العمل غير الرسمية الممتدّة دون حساب، غداء عمل يأخذ أكثر من ربع النهار!:
كن أميناً مع نفسك والآخرين ولا تدع الأجواء المريحة غير الرسمية تنسيك التزاماتك .
7- التفكير السلبيّ:
لا يمكنك أن تكون إلاّ ما تفكّر فيه. إن خيراً فخير وإن شراً فشر. فلم لا تبدأ نجاحك في الواقع بتهيئة النجاح في داخلك؟
8- تضييع الوقت في فترات الانتقال والتأقلم بين الأمكنة أو الأنشطة المختلفة:
عليك بالتخطيط والتنسيق أوّلاً وثانياً وأخيراً.
9- مواعيد الإنجاز القلقة العسيرة والغائمة:
كن واقعياً في تحديد مسارات العمل ومواقيت الإنجاز
10- الكسل:
علّم نفسك الاجتهاد وألزمها إلزاماً بالنشاط في تنفيذ ما تحب وما لا تحبّ، وإلاّ فلتبق في انتظار النجاح إلى الأبد.
تذكّر: لا! هي الكلمة الأهمّ في إدارة الوقت وتدبير ذاتك وتنميتها. فهل تقولها حيثما ينبغي؟
وقبل شجاعة قولها للعالم، هل تمتلك شجاعة وحكمة قولها لنفسك؟