اختلفوا! كما ينبغي الاختلاف
اختلافات الآراء في أمكنة العمل أمر لابد منه، وكثيراً ما تكون أمراً لازماً ومكملاً للإبداع، ولحل المشكلات ولتحسين الأداء. إلا أن معرفة الناس بأن معظم النزاعات يحمل فوائد لا يجعل التعامل معها أسهل، الاختلافات مع زملاء العمل يمكن أن تكون مزعجة، وإن جرى تناولها تناولاً رديئاً فيمكن أن توصل إلى نزاع غير مثمر أو حتى مخرب. الأنباء المفرحة هي أنك بشيء من التخطيط تستطيع أن تتجنب التحول إلى صراع وتتوصل إلى إجابة يوافق عليها الجميع.
استعد
استعدادك لتناول اختلاف يحتاج معرفتك بموقفك ومحاولتك التفهّم تفهماً أفضل موقف زميلك في العمل. قبل الاقتراب من زميلك، ينصحك الخبراء “اعرف المقاصد الأساسية”. يعرف الخبراء ثلاثة أنواع من الاختلافات بين زملاء العمل:
- جوهري ملموس: فيه تختلفون على مضمون معين أو على مهمة معينة حاضرة بين أيديكم.
- علائقي: حيث الخلاف يدور في الحقيقة حول العلاقة بينك وبين زميل العمل.
- تصوري: عندما أنت وزميلك تريان المشكلة رؤية مختلفة تفهم هذه الأنواع من الاختلاف يمكن أن يساعدك في تناول المحادثة بوضوح.
حدد نوع الخلاف بينكما وتحقق من زميل عملك أنه يرى الأمر بالطريقة ذاتها، وبغض النظر عن طبيعة الخلاف، حاول أن تترك مشاعرك عند الباب. فالخلافات تحل بالموضوعية بشكل أفضل من العواطف.
والاستعداد يتضمن أيضاً تأملاً حريصاً في التفاصيل الزمنية والمكانية وملاءمتها، رتب الاجتماع بحيث يتوفر وقت كاف لكل نتيجة مطلوبة، تأكد من أن المحادثة يمكن أن تجري وجهاً لوجه في بيئة محترمة الخصوصية لا تحاول حل الاختلافات باستخدام الإيميلات بسبب رداءة توصيلها لنبرة المتكلم وتفاصيل تعبيراته.
ابحث عن الأرضية المشتركة
لبدء محادثة صعبة بالطريقة الصحيحة من المهم لك ولزميلك في العمل تعرف شيء أنتما متفقان عليه، قد يكون هذا الشيء هدفاً مشتركاً أو نسقاً من قواعد العمل التي تذعنان لها، حاول قول شيء مثل: كلانا نريد وضع خطة تمضي بشركتنا إلى المستوى التالي” أو “قلنا إننا سنترّيث ونتحرّى الدقة في هذا القرار”. تأكد من أن الأرضية المشتركة هي شيء يهتم به زميلك بالفعل، وليست شيئاً تعتقد أنت أنه ينبغي أن يكون مهتماً به، قبل المضي قدماً تحقق من موافقة زميلك. كذلك عليك أن تطمئنه وتؤكد تقديرك للعلاقة بينك وبينه. إن هذا سيجعله يطمئن إلى أن مسألة اختلافك وجدالك ليست شخصية.
أصغ إلى ما بداخله
حتى لو كنت تعتقد الآن أنك متفهم لوجهة نظر زميلك في العمل، ينبغي عليك أن تستكشف وتصغي لما يقوله. اطرح أسئلة تساعدك في التفهم الكامل لوجهة نظر وتقدير إن كان الاختلاف بينكما تابعاً لاهتمامات ومصالح متعارضة أم تابعاً لتصورات متفاوتة. وحسب نصيحة الخبراء فإن من أول ما يتطلبه هذا الأمر منك التوقف عن تحزر الكلمات التي سيقولها، وأن تصغي فعلاً. لا تكتف بسماع ما يقول بأذنيك، بل دعها تدخل إلى عالم أفكارك. ابق منفتحاً على الاقتناع لأن شرح زميلك لموقفه قد يميط اللثام عن معلومات مهمة تفتح الطريق إلى حل. مثلاً: إن كان زميلك منصرفاً إلى إبقاء الرئيس راضياً، فيمكنك مساعدته فكأن يرى بوضوح كيف أن الحل متواز مع مطالب واهتمامات الرئيس.
بعد إصغائك لزميلك وصّل له ما عندك، يجب أن لا يتم هذا بأسلوب “نقطة مقابل نقطة” بل ينبغي التركيز على مساعدة زميلك كي يرى الأرضية التي تنطلق منها رؤيتك ومواقفك. وحين يتحدى تفسيراتك عليك أن تدعه ينفّس ويعبر عن ضيقه.
اقترح حلاً
بعد اجتماع المعطيات كلها على الطاولة، قدم حلاً. لا تقترح ما كان في بالك عندما دخلت أول مرة، بل استخدام المعلومات التي حصلت عليها خلال محادثتكم للخروج بحل أفضل. قل لزميلك: “أنت قلت (س) وأنا قلت (ع) وربما بات يمكننا الآن النظر في الاحتمال (ص)”. لا تتخذ موقف مجابهة وصراع. إن لم يكن راضياً عن الحل الذي اقترحته، فعليك أن تدخله معك في عملية حل مشكلة للتوصل إلى نتيجة يمكن لكل منكما التعايش معها.
وعندما تسوء الأمور
حتى مع استخدام مقاربة مدروسة متقنة، فإن بعض الاختلافات يمكن أن يتطور إلى نزاع مر. في كثير من الأحيان تتحول المحادثات بين زملاء العمل إلى معارك عندما يصبح الأمر شخصياً، وفي هذا الشأن يؤكد الخبراء:
كلما سخنت المناقشة وأوشكت على التفجر عليك أن تعيدها إلى اهتماماتكما وغاياتكما المشتركة، لا يمكنك حل صراع على مشكلة بعد أن يقع بالفعل لكن يمكنك فتح طريق لتجاوز الأمر ومتابعة التقدم.
إن كان زميلك مشاكساً معانداً أو هجومياً فقد يكون من الأفضل ترك المحادثة والخروج من الأمر لفترة، يمكنك أن تخرج بالفعل من الغرفة أو أن توقف الأمر في داخل رأسك كي تهدأ وتتأمل في مسار الحوار. هذه المشاهدة للأمر من منظور خارجي مبتعد يمكن أن تساعدك في الحصول على رؤية أوسع لما يجري. ربما عليك أيضاً أن تغير العملية: اذهب إلى لوحة التخطيط، افتتح جلسة عصف ذهني، أو حتى اعرض مواصلة الحوار حول كأسي عصير أو مائدة غداء. يمكن لهذا أن يحول مسار الديناميكيات المتطورة بينكما. وإن فشل كل شيء فانسحب وابحث عن طرف ثالث للتوسّط.
مبادئ فلتذكرها دوماً
- ركز على الغايات والاهتمامات المشتركة.
- تفهم طبيعة الخلاف بينكما قبل أن تلتقي بزميلك.
- ابق منفتحاً على الاقتناع.
- لا تفترض أنك تتفهم تفهماً تاماً شاملاً وجهة نظر زميلك.
- لا تحاول حل الخلاف باستعمال الإيميل.
- لا توقف زميلك عن تنفيس ضيقه.
الكاتب: آمي غالو