خلال مسيرتي المهنية شاركت في كثير من عمليات التغيير والإصلاح الجذرية في المؤسسات وفي كل المواقف كنت ألاحظ الأخطاء المتكرر ارتكابها لدى إدارات المبيعات، التي يؤثر كل منها تأثيراً سلبياً على معنويات الفرق ومبيعاتها المحققة. فيما يلي سبعة من الأخطاء القاتلة التي تقع فيها إدارة المبيعات:
التنازع مع التسويق
نسمع جميعاً عن الصراع التقليدي بين أقسام التسويق و المبيعات. يقول فريق المبيعات إن المنتج مسعر بسعر مرتفع جداً أو إنه ليس ما يريده العملاء، أو إن برامج التسويق ضعيفة الفاعلية. ويقول فريق التسويق إن قوة المبيعات تفتقر إلى التدريب الكافي أو قليلة العدد أو ضعيفة الفاعلية إلى غير ذلك من شكايات كثيرة. في بعض الأحيان تكون هذه كلها شكايات مسوغة والإدارة الجيدة ستكتشفها وتتولى أمرها. لكن إن لم تكن صحيحة أو كانت مجرد معاذير للتملص من المسؤولية عن الأداء الهزيل فمن واجب الإدارة تمييز هذه الحالة، ليس هناك شيء أسوأ من أن يقف قسما المبيعات والتسويق على جانبي عداوة وتصيد للعثرات. إن هذه وصفة مؤكدة لفشل الشركة، والإدارة القوية ستعمل على إنشاء التعاون والتفاهم بين المجموعتين.
ذات مرة كنت مكلفاً بإنجاز عملية إصلاح أساسية في منظمة كان فيها قسما مبيعات وتسويق متنازعان، فحيث إن مبيعات الشركة الإجمالية كانت تتناقص، فإن كلاً من المجموعتين كانت تلوم الأخرى، والإدارة السابقة كانت عاجزة عن إصلاح الموقف، ولعبة إلقاء الملامات توسعت لتصبح صراعاً خطيراً بين الأقسام.
وللتغلب على هذه الحالة استأجرنا استشارياً ماهراً في عمليات التخطيط الاستراتيجي وبناء فريق العمل. أجرينا اجتماعاً خارج موقع العمل مصمماً لجمع فريقي المبيعات والتسويق وجعلهم يرون أهمية عملهم معاً كفريق متكامل لتحقيق النجاح، ونتيجة لذلك تطورت العلاقة بحيث إن تأخر قسم التسويق في إخراج المنتج الجديد كانت إدارة المبيعات تملأ فاصل التأخير بالترويج للمنتجات الحاضرة. وبالعكس إن كانت المبيعات تقبل على فصل يتوقع فيه الركود كان فريق التسويق يجتهد اجتهاداً إضافياً لإطلاق منتج جديد سابقاً للجدول الزمني.
العمل التضامني بين المبيعات والتسويق ليس مسألة وقت معين بل هو مسألة جوهرية دائمة لا بد منها لنجاح منظمة نشيطة الحركة.
إدارة الناس الضعيفة
المجموعات الاستثمارية القوية لا تستثمر في شركات بل تستثمر في البشر. البشر هم المكون الأهم في أي تنظيم. في قلب كل منظمة متفوقة الأداء توجد إدارة تكتسب إرادة التعاون لدى الآخرين لتحقيق أهدافها. ولاكتساب إرادة التعاون لدى الآخرين لابد من أن يرى الموظفون: الإدارة تهتم بشؤونهم بصدق، وأنهم يستطيعون الثقة بكلمة الإدارة، وأنها تركز على التميز في كل جوانب العمل.
- ذات مرة اشتغلت لشركة كانت إدارتها العليا مقصرة تقصيراً فادحاً في كل تلك الجوانب. في تلك الشركة كانت الإدارة لا تكاد تتوقف عن تغيير سياساتها إلى حد أن فريق المبيعات لم يعد يثق بقيادتها. كان مندوبو المبيعات يصلون متأخرين إلى الاجتماعات وبغير استعداد. بالمختصر كانت الرسالة التي توصلها الإدارة إلى قوة المبيعات أنها لا تبالي، وأنها ليست محلاً للثقة، وأنها غير ملتزمة ببناء شركة قوية. تلك الشركة كان لديها باب لا يكف عن الدوران بين داخلين وخارجين من قوة المبيعات، وفي النهاية انهارت.
- غلطة أخرى هي عدم التصرف بالسرعة الكافية إزاء ضعاف الأداء. في كل شركة فاشلة اشتغلت معهم، وجدت عدداً من رجال المبيعات الذين كان يجب نقلهم إلى مجال عمل آخر. إنك لا تقدم معروفاً لأحد عندما تستبقي الفاشلين في أماكنهم، اللهم إلا إن كنت واثقاً من إمكانية إنجاز تصحيح ملموس. ومع ذلك كلمة تحذير:
معظم الشركات الفاشلة ليس لديها مؤشرات تقيم بفاعلية أداء المبيعات لكل فرد، لذلك ينبغي توخي الحرص لدى تحديد أصحاب أعلى وأدنى مستويات الأداء.
- خطأ آخر – معاكس للقليل جداً من الطرد – هو الطرد الجائر. لتجنب الإفراط في كلا الطرفين تذكر أن لب المسألة ليس من تطرد بل من توظف. من توظفه بشكل صحيح لن تحتاج لطرده، على الدوام ابحث عن سجل النجاح السابق لدى المتقدمين. إن توظيف العناصر البشرية الملائمة وإيجاد ثقافة الثقة المتبادلة هو عنصر حيوي في إدارة البشر الصالحة.
عدم تحميل الناس مسؤولياتهم
وضع الناس موضع المساءلة عن أدائهم هو حجر زاوية لمنظمة قوية، لكنك ستدهش حين ترى عدد الشركات التي لا تلتزم بمبدأ المساءلة هذا التزاماً دائماً عاماً. وتصدق هذه المشاهدة خصوصاً في الأوقات العصيبة المرهقة، حيث تميل الإدارة إلى تخفيف وحلحلة معايير الأداء خلال ركود اقتصادي وتقليص متطلبات حصة أداء المبيعات المقررة أفضل من النظر إلى عدم الأداء بطريقة مختلفة.
عندما لا نستمر في وضع الناس موضع المساءلة عن تقصيرات أدائهم فإن ذلك يرسل رسالة أن الإدارة ضعيفة وغير واثقة بالأهداف التي ترسمها، إن هذا سوف ينخر في المعنويات كما يزعزع الثقة بالإدارة.
اختلال برنامج المكافأة
ينبغي في برامج المكافأة أن يراها العاملون المعنيون ممكنة التحقيق وعادلة، يحتاج مندوبو المبيعات إلى أن يروا ميدان اللعب مستوياً وأن كل واحد لديه فرصة عادلة في نيل التقدير. مذهل كم هي كثيرة الشركات التي لديها برامج مكافأة منحازة لصالح أفراد معينين، يرسل هذا رسالة مدمرة لمعنويات كل المندوبين بما في ذلك المندوبون المحظوظون: بعض الناس مقدرون فوق آخرين.
التقلب في تغييرات عملية المبيعات
تتضمن عملية المبيعات كل الخطوات والإجراءات التي ترسيها شركة في طريقها إلى الوصول بالمنتج إلى استلام العميل واستيفاء الثمن. عندما تغير أو تعدل عملية المبيعات فتوقع من قوة المبيعات أن تحتاج وقتاً للتكيف، مثلاً: قد يطلب من فريق المبيعات تعبئة تقارير جديدة أو الحصول على عروض أسعار من مكتب الشركة، حتى إن كانوا من قبل لديهم حرية القيام بذلك بأنفسهم خلال فترة التكيف مع العملية الجديدة توقعوا أن تتأثر المبيعات.
عندما تغير عملية المبيعات فكل الإدارة عليها أن تتوقع تأثر المبيعات وتوقعات المبيعات بتناسب مباشر مع درجة ونوعية التغيير على الأقل على المدى القصير.
إضافة إلى ذلك: فإن مندوبي المبيعات عموماً يكرهون التغيير ولا يريدون إمضاء الوقت في تعلم عملية جديدة،ف هم يدركون أن تعلم نظام جديد سوف يستنزف ويشتت من جهودهم الراهنة. إن كانوا يرون التغيير معرقلاً لمبيعاتهم فهذا سيؤثر على المعنويات خصوصاً إن كان التغيير مطلوباً لأمر غير مبيعاتي.
إن كانت الشركة تواجه حاجة لتعديل عملية المبيعات فلتقدر كمياً مقدارَ الزمن الذي سيقضيه مندوب المبيعات المتوسط على العملية الجديدة غير المبيعاتية، ولتنسب هذا المقدار من زمن المبيعات المفقود إلى نقص المبيعات، ولتعي الإدارة العليا بالتأثير المتوقع، فكل إدارة تحتاج لوعي أن تغيير عملية المبيعات سيؤثر على المبيعات.
المؤشرات الرديئة
المؤشرات هي الأرقام التي تخبرنا أين كنا وإلى أين نتجه، ينبغي أن تعمل هذه المؤشرات كالرادار الذي يجعلنا نعرف مسبقاً إلى حد كاف بالمشكلات القادمة. عدد كبير من فرق إدارة المبيعات يتورط في المشكلات بسبب المؤشرات غير الفعالة، أو في حالات متطرفة رأيتها بسبب انعدام المؤشرات على الإطلاق.
في العادة عندما نجد مؤشرات ضعيفة فإن ذلك يكون بسبب أن إدارة المبيعات لا تقدر قيمتها أو لا تعرف مجال عملها معرفة كافية لوضع هذه المؤشرات. المؤشرات الجيدة ينبغي أن تمكن إدارة المبيعات من أن تتنبأ بثقة مبيعات الفصل، وتحدد مندوبي المبيعات الأقوياء والضعاف في أدائهم، وتطور الحلول للمشكلات.
في أسواق اليوم عالية التسارع من اللازم امتلاك لوحة مراقبة قوية من المؤشرات لقيادة سفينة المبيعات والحفاظ عليها بعيدة عن المشكلات.
افتقاد التفهم العميق للأعمال
الإخفاق في تفهم عمل الشركة تفهماً عميقاً هو أحد أضمن السبل للفشل. كانت هذه مسألة رئيسة في كل شركة متعثرة اشتغلت معها. إدارة المبيعات التي لا تتفهم العمل في مستويات العميل، المنتج، أو الخدمة ستجد صعوبات في تعرف حلول المشكلات وستفقد الثقة في التوجهات التي تأخذها، في شركة اشتغلت بها كمندوب مبيعات كان مديرو مبيعاتنا الإقليميين غير قادرين على تقديم أية عروض تقديمية للعملاء، ولم يكونوا يجلبون أية قيمة لعملية المبيعات، وفي شركة أخرى كانوا قادرين على تقديم المنتجات أحسن من معظم المندوبين.
الشركة التي كانت فيها الإدارة تمتلك تفهماً أفضل للعملاء والمنتجات كانت أقوى بكثير، قوة المبيعات لم تكن تستطيع استخدام المعاذير للتغطية على المبيعات الضعيفة، وفي الأحوال الأخرى الوجيهة كانت الإدارة تتفهم المشكلات السائغة التي تواجهها قوة المبيعات وتعمل على إصلاحها دون الانشغال بتوزيع الاتهامات والملامات، كانت قوة المبيعات واثقة بمجموعة الإدارة هذه، لكن ليس بالأخرى.
في أوقات اليسر والنجاح للمبيعات فإن افتقاد التفهم العميق للأعمال عادة لا يبدو مشكلة، لكن عندما تواجه الشركة تحديات تراجع المبيعات فإنه يصبح كذلك. إن أوقات الشدة والتراجع هذه هي الأوقات التي يكون فيها التفهم العميق المحيط لعملاء الشركة ومنتجاتها وخدماتها وعملية مبيعاتها أمراً حيوياً حاسماً، من دونه لا يمكن لمندوبي المبيعات أن يجدوا الثقة بالمسار الذي تتخذه الإدارة.
التغيير المتقلب أو المتكرر في عملية المبيعات، المؤشرات وبرامج المكافأة الهزيلة، الإدارة ضعيفة الفاعلية، التنازع مع التسويق، وقلة تفهم الأعمال كلها أمور مدمرة للعمل. في مناخ الأعمال القاسي اليوم، فإن إدارة المبيعات الحكيمة ستراجع هذه المسائل على الدوام حتى تتأكد من امتيازها بين بقية مكونات منظمتها.
الكاتب: جون تريس