اختبر حقيقة دوافعك قبل الإبحار: هل يمكنك؟ وهل ينبغي أن تصير رائد أعمال؟
إنك تسمع عن بعض الناس من أصدقائك وغيرهم يقتحمون ميدان ريادة الأعمال، وتشاهد بين الحين والآخر التلفزيون والصحف تفرد مكاناً بارزاً للحديث عن نجاحات هذا الرائد او ذاك، بل إنك تجد زعماء البلاد الناهضة يشيدون بها ويحثّون الناس عليها.. فهل ينبغي عليك الآن الانطلاق في بحر الريادة؟
هل يمكنك؟ وهل ينبغي لك الانضمام إلى الملايين الذين يقدمون على القفزة ويطلقون أوّل مشاريعهم؟
إنّ تجارب الخبراء والممارسين المديدة تخبرنا بوجود مشاعر داخلية قوية وغامضة تدفع الإنسان الواقف على شاطئ الريادة إلى اقتحام هذا البحر وإطلاق عمله الخاص وتجعله يشعر بأنه مناسب لهذا المجال.
من أجل كلّ هؤلاء الروّاد المحتملين نقدّم قائمة من الأسئلة الاستكشافية التي توضّح حقيقة هذه الدوافع وتبيّن مدى عمقها وقوّتها. هل هي محرّكات داخلية حقيقية يمكنها أن تصنع شيئاً في عالم الواقع؟ أم هي رغبات وأحلام؟
توضّح هذه الأسئلة رؤية المرء لنفسه، وتزيد ثقته فيما يتخذه من قرارات الإقدام أو الإحجام.
هل ينبغي أن تقفز؟ وهل ينبغي أن تقفز الآن؟
المهمّة بسيطة: أجب بنعم أو بلا على كلٍ من بيانات الأسباب والدوافع التالية. وتذكّر: الصدق مع النفس هو أوّل مقوّمات التأهّل للريادة، وتذكّر أن أخطر التوهّمات والأكاذيب هي تلك التي نقوم بها بأنفسنا. (انظر الموضوع السابق بعنوان: هل تحب مشروعك الريادي إلى درجة القضاء عليه؟)
1- لا أحبّ أن يملي عليّ تصرفاتي آخرون أقل مقدرةً منّي.
2- أحب أن أتحدّى نفسي.
3- أعشق الانتصار.
4- أحب أن أكون مدير نفسي.
5- أبحث على الدوام عن طرقٍ جديدة أفضل للقيام بالأمور.
6- أحبّ تمحيص الأساليب والقناعات القديمة.
7- أحب جمع الناس معاً لتحقيق المنجزات.
8- أفكاري تبث الحماس في الناس.
9- يكاد يستحيل عليّ الركون إلى أي حال والاقتناع بأي إنجاز.
10- لا أصبر على الجلوس في مكاني دون أنجز شيئاً بنفسي.
11- في معظم الأحوال يمكنني أن أجد بنفسي مخرجاً من المصاعب والمآزق.
12- أن أواجه العواصف والغرق في مركبي خير لي من الرخاء واليسار في مراكب الآخرين.
13- حيثما تبرز مشكلة تجدني مستعداً للانقضاض عليها.
14- أعتقد أنّ الإنسان -مهما كان عمره- يبقى قادراً على تعلّم مهارات وأساليب جديدة، أو حتّى ابتكارها.
15- هنالك أفرادٌ في عائلتي يستقلّون بتسيير أعمالهم الخاصة.
16- لديّ أصدقاء يديرون أعمالهم الخاصة.
17- في فتوّتي وبداية شبابي كنت أعمل بعد الدراسة وفي العطلات.
18- الخوض في تعاملات البيع للناس يبثّ فيّ حيويةً وحماسة كالتي تصيب الرياضيّين في المسابقات.
19- تحقيق النتائج مصدر بهجتي الأكبر.
20- يمكنني صياغة اختبار أفضل من هذا. (وما كنت سأغيّره أو أضيفه هو: …)
◄ إن أجبت بنعم على سبعة عشر أو أكثر من البيانات السابقة، فامض الآن إلى الخطوة التالية وانظر في دفتر شيكاتك (إن كنت محظوظاً ولديك هذا الدفتر). إن لم تكن الشركة التي أصدرت تلك الشيكات مملوكةً لك فعلاً فهذا أوان الغوص في دراسة ظروفك واستكشاف دوافعك.
◄ هل عليك ديون ينبغي تسديدها؟ هل لديك أبناء على مقاعد الدراسة؟ هل تجب عليك نفقةٌ عائلية لا مجال للتخلّص منها؟ إن كان الأمر كذلك فإن من الأفضل لك التمهّل والانتظار.
◄ وأمّا إن كان لديك ذخيرةٌ من المال السائل (وبطاقات ائتمان شغّالة)، وإن كان يقف مشجّعاً وداعماً إلى جانبك شريك حياة أو أفراد أسرة أو أصدقاء فما عليك من بأس في أن تمضي إلى استكشاف نوع العمل الذي تحب إطلاقه.
◄ والعمر ليس قضية يحسب حسابها هنا. وعلى سبيل الاطمئنان تخبرك الدراسات الحديثة أن أعداد من يطلقون شركاتٍ ناشئً وأعمارهم تتجاوز الخمسين تزداد يوماً بعد يوم.
◄ تحدّث إلى من قاموا بالقفزة فعلاً. تعلّم كيف تخطّط وكيف تنتهي إلى تقديم منتجك أو خدمتك. ادرس تفاصيل تلك الشركة الصغيرة التي تتطلّع إلى شرائها. تحدّث مع الناس الذين ترغب في عملهم إلى جانبك وتحدّث كذلك مع عملائك المحتملين.
طريق الريادة قرار مدروسٌ
إنّه ليس مهرباً اضطرارياً، وليس هواية
بالتأكيد لا حظت أنّ “أهوى اقتحام المخاطرة “ لم يكن من بيانات الاختبار. فهل تعرف السبب؟ السبب هو أن الروّاد لا يختارون سلوك الريادة لأنهم يرغبون في نمط حياةٍ أكثر مخاطرة. ما يقومون به حقاً هو المقارنة والاختيار بين نوعين أو مجموعتين من المخاطرات: تضم المجموعة الأولى كلّ ما يكرهونه في الوظيفة الثابتة (مثل الضجر، العمل لدى مدير سيّء، فقد الاستقلالية، ضعف التحكم بالمصير، والخوف من الاستغناء عن خدماتهم في أية لحظة) وتضم المجموعة الثانية الأشياء التي يخشونها في سلوك الريادة مثل (الإخفاق، غموض الأمور المالية، التعرّض للخجل والإذلال، ضياع المال المستثمر). وفي النهاية يتوصّل من كتب لهم أن يصبحوا روّاداً إلى الاقتناع بأنّ ما لديهم من مقدرات وخصال (الروح القيادية، وغنى الموارد، والشجاعة، والجلد) أو ما لديهم من أصول ومقوّمات مادية وغير مادية (مثل المال، أو الملكية الفكرية، أو المعلومات، أو الوصول إلى العملاء) ستخفّف تخفيفاً كبيراً مخاطرة سلوك الريادة وترجّح كفّتها. المخاطرة في النهاية تبقى تقديراً شخصياً: ما هو خطير لدى زيد ليس بالضرورة خطيراً لدى عمرو.
“أريد أن أصير ثرياً” ليس من البيانات المختارة أيضاً. لأن الواقع يخبرنا أنّ عموم الناس الذين يطلقون أعمالهم الخاصة لا يكسبون من المال أكثر ممن يعملون لدى الآخرين. والأقلّية التي تصيب ثروة طائلة من وراء الريادة لا تغيّر هذه القاعدة. لكنّ المكاسب المعنويّة (متعة التحدّي، والاستقلالية، وتقدير الجهد، وفسحة الإبداع والديناميكية) هي التي تجعل بذل الجهد واختيار مخاطرة الريادة مطلباً قيماً وجديراً بما يبذل من أجله.
إعداد: الأستاذ معتز حبش استناداً إلى أبحاث البروفيسور دانييل آيسنبيرغ Daniel Isenberg أستاذ الإدارة العمليّة في بابسون كوليج