معتز حبش

  • دون تضييع وقت.. أسرع طريق لبناء الفريق

    عندما يسألني أحدهم عن طريقةٍ لتحسين العمل الجماعيّ والتناسق بين أعضاء الفريق فإنني أقترح عمليةً بسيطةً جداً وفعّالة أدعوها “بناء الفريق دون تضييع الوقت Team building without time wasting “. تتألف العملية من هذه الخطوات:

    أوّلاً: كيف هو أداؤنا الحالي؟ وأين ينبغي أن نكون؟

    في اجتماعٍ لأعضاء الفريق اطلب من كل عضو وضع تقييمٍ يجيب على هذا السؤال:
    – في القيام بعمل الفريق كيف ترى مستوى أدائنا الحاليّ؟
    – وما المستوى الذي تظن أنّه ينبغي علينا أن نكون فيه؟

    دع كل عضوٍ يسجّل إجابته كتابةً على ورقة. ثم اطلب من أحد أعضاء الفريق أن يجمع الأوراق (الخالية من الأسماء) ثم يضع الدرجات المقدّرة في لائحةٍ مستقلّة.
    في تجربةٍ ضمت أكثر من ألف فريق وباعتماد مقياس يتصاعد من 1 إلى عشرة كان متوسط العلامة المقدّرة لإجادة العمل الجماعيّ 5.8، وكان متوسّط المستوى المنشود 8.7.

    ثانياً: ماذا ينبغي أن نفعل؟

    بافتراض وجود فجوةٍ بين “كيف هو أداؤنا كفريقٍ الآن؟” وبين “كيف ينبغي أن يكون أداؤنا كفريق؟” اطلب من كل عضو تدوين سلوكين مهمّين يعتقدُ أنّ تطويرهما لدى أعضاء الفريق سيؤدّي إلى تقليص الفجوة ويحسّن العمل الجماعي.
    لا تذكروا أشخاصاً، المطلوب تدوينُ سلوكيات وحسب! مثل: إصغاءٌ أفضل، ترسيم أهداف أوضح.
    وبعدئذٍ دوّن السلوكيات المقترحة على لوحة كبيرة واطلب من أعضاء الفريق أن ينتقوا منها ما يعتقدون أن له أكبر تأثير إيجابيّ منشود.

    ثالثاً: فلنشاهد أنفسنا بعيون مختلفة

    اطلب من كل عضو في الفريق إجراء لقاءٍ ثنائيّ مباشر one-on-one meeting مع كل واحد من الأعضاء الآخرين لمدة ثلاث دقائق. (افعلوا ذلك وأنتم وقوف، ونظّموا التبديل بين الأعضاء جميعاً).
    في هذه اللقاءات يسأل كل شخص الآخر: “من فضلك، اقترح تغييراً أو اثنين إيجابيين يمكنني القيام بها شخصياً لجعل العمل الجماعي في فريقنا كلّه أكثر فاعلية”

    ثم اجعل كل شخصٍ ينتقي سلوكاً معيناً للتركيز على تحسينه.

    رابعاً: ثمّ ماذا نصنع بما نسمع؟

    ابدأ عملية متابعة شهرية منتظمة follow-up process يقوم فيها كل عضوٍ باستفتاء الآخرين وطلب اقتراحاتهم بشأن مواصلة التحسين بناءً على سلوكه المشاهد في الشهر الماضي.

    ينبغي أن تركّز هذه المحادثات على نواحي التطوير المحدّدة لكل فرد، إلى جانب الاقتراحات العامة حول جعل أنفسنا أعضاء فريق أفضل.

    وعند طلب آراء الزملاء أعضاء الفريق فإنّ القاعدة السارية على الجميع هي:
    – يجب على من يتلقّى الأفكار ألاّ ينتقدها ولا يحكم عليها. ينبغي أن يصغي وحسب ثم يشكر الناصحين.
    – وأمّا من يقدّم الأفكار والمقترحات فيجب عليه أن يركّز على المستقبل لا على الماضي. (*)

    من خلال أبحاثي، رأيت أن الفرق التي تمارس هذه العملية الفعّالة تحقّق تطوراً كبيراً في وقتٍ قصيرٍ لا تكاد تصل إليه الفرق الأخرى التي تنفق ساعاتٍ أو أياماً في أنشطة “بناء الفريق” التقليدية.         (انتهى)

    ترجمة: معتز حبش

    المقالة الأصلية: https://hbr.org/2007/10/team-building-without-time-was

    (*) لمزيد من إضاءات التواصل والتغذية الراجعة الفعّالة في مكان العمل، اقرأ المقالتين:
    متى ينبغي عليك الاحتفاظ بجواهرك لنفسك؟”  +  “في مكان العمل متى يصير الحوار مضرّاً؟”

  • هل تحب مشروعك الريادي إلى درجة القضاء عليه؟

    لو سألتك هل تعرف أهمّ مقوّمات نجاح الرائد؟

    لقلت على الفور إنه الشغف، إنّه عشقُ المرء ما يقوم به. ومثلما تعتقد أنت يعتقد كثيرون. فنجد أنّ الشغف والاندفاع الجارف –إلى جانب الإبداع- تتصدّر قائمة اللوازم التي لا بدّ من توفّرها لدى الروّاد حتّى يمكنهم النجاح.

    ولكن انتبه يا صديقي! فللحقيقة وجه آخر يطلعنا عليه الخبراء والممارسون في مجالات ريادة الأعمال والتمويل المغامر. إنّ العنصر الأندر والأعظم قيمةً بين مكوّنات نجاح روّاد الأعمال إنّما هو الصدق مع النفس صدقاً قاطعاً صريحاً لا يعرف المحاباة ولا المجاملة.

    دون شك يحتاج الإقلاع بمشروعٍ جديد إلى قدر هائل من الالتزام والطاقة والجلد، وبالتأكيد ينبغي عليك أن تؤمن –حتّى مع نقص المعطيات في بعض الأحيان- بأنّك قادر على النجاح في وجه كل الاحتمالات السلبيّة. ولكنّ الشغف أو العاطفة الجارفة كثيراً ما تحوّل عينيك عن الحقائق فلا ترى ما ينبغي أن تراه.

    إنَّ عجن ماء الإيمان بالذات مع رمل التقييم الموضوعيّ المتباعد عن إرضاء النفس ربما يكون أصعب مهمّات الرائد. ولأنّ أيّ شيءٍ آخر لا يمكن أن يحلّ محلّ هذه المهمّة –بالرغم من استعصائها- في نجاح الرائد، نقدم لروّاد الأعمال هذه الإضاءات حولها.

    لا تصدّق شهادات الثناء. صدّق خطوات الأداء

    من تجاربهم يتعلّم الروّاد المخضرمون التمييز الواضح بين النجاح الحقيقيّ وبين مظاهر النجاح البراّقة ضئيلة القيمة والقادرة على إسكار من يستسلم لها. هناك فرقٌ هائل بين أن يحتلّ المرء المركز الأوّل في مسابقة خطط العمل، أو ينال جائزة هذه المؤسسة المرموقة الراعية للروّاد، أو يُطرّز اسمه على صفحات تلك المجلّة، وبين أن يكون لديه زبائن يدفعون له ويُربِحونه ولديه مؤسّسةٌ مقتدرةٌ على إرضاء أولئك الزبائن.

    أجل، يعرف الروّاد المحنّكون كيف يستثمرون شهادات وألقاب النجاح استثماراً فعّالاً في التسويق لأنفسهم ولمؤسساتهم وفي جذب اهتمام المستثمرين، ولكنهم مع ذلك يبقون واعين للفرق الكبير بين الثناء وبين النجاح.
    إنّهم لا يسمحون لأنفسهم بالوقوع بما وقع به أشعب. ذات يوم اجتمع أولاد الحيّ حول أشعب ليمزحوا ويعبثوا حتّى أرهقوه، فلم يجد سبيلاً إلى التخلّص منهم إلاّ أن قال لهم: أسرعوا فوراً فجارنا أبو فلان قد أعدّ وليمةً عظيمةً. ولم يلبث أشعب إلاّ قليلاً حتّى انطلق يجري نحو دار أبي فلان. قال له الناس لماذا تجري الآن؟ فقال لهم ألا يمكن أن يوجد في دار أبي فلان وليمة عظيمة حقاً؟

    لا تكذب على نفسك

    مدهشٌ حقاً مقدار الكذب المعجون عجناً في كلّ ميادين الحياة، وميدان العمل ليس استثناءً. ولكن مهلاً! لا تتسرّع وتسئ فهمي أرجوك!

    قبل التركيز على استكشاف النوايا والمعاني الحقيقيّة الكامنة وراء أحاديث زبائنك، وموظّفيك، والمستثمرين، والمورّدين، والمنافسين، قبل التركيز على أكاذيب هؤلاء يجدر بك التركيز على أسوا الأكاذيب وأشدّها تدميراً: الأكاذيب التي يخدع بها أحدنا نفسه.

    إذاً: حيثما تجد نفسك متردّداً حائراً أغلق باب مكتبك على نفسك، تأكّد أن لا أحد في الجوار، انظر في المرآة وقل الحقيقة لنفسك. هل هذا حقّاً هو أفضل المستثمرين المعروضين علينا؟ هل هذا حقاً هو أفضل المرشّحين لهذا المنصب، بغض النظر عن توصيات أو تدخلات الآخرين؟

    اضبط نفسك، وابحث عمّن يقول لك لا

    تقول الأسطورة المشهورة إنّ البطل الإغريقي يوليسيس واجه مع بحّارته كائناتٍ مغنّيةً لا بدّ لمن يريد عبور منطقة بحريّة خطيرة من سماع أصواتها، وكان سماع الأصوات والافتتان المحتّم بها والتوجّه نحو مصدرها كفيلاً بتحطيم السفن على الصخور. حتّى يصمد أمام الألحان المهلكة التي تشدو بها تلك الكائنات فإنّه لم يكتفِ بتقييد نفسه إلى صارية السفينة وسدّ آذان رجاله بل شدّد على رجاله الأمر بالإعراض عن كلّ توسّلاته وألاّ يفكّوا وثاقه مهما كانت الظروف. والنتيجة؟ لقد أدّى عدم إذعان البحّارة لرغبات قائدهم إلى نجاتهم ونجاة السفينة والقائد من المهالك.

    حين يقف الرائد على سطح سفينته فإن القصة السابقة تعني أن يحيط نفسه برجالٍ يقومون بكلّ ما ينبغي القيام به من أجل مصلحة المشروع أو المؤسّسة، وليس من أجل إرضاء القائد وتلبية رغباته.

    إنّ رائد الأعمال المتمتّع بقوّة الإرادة والاعتداد بنفسه وأفكاره سيكون إنصاته إلى ملاحظات الناقدين أمراً صعباً جداً، وإن أسعفك الحظّ وكان بقربك أناسٌ يهدونك الحقيقة الصريحة رغم صعوبة تقديمها فعليك التمسّك بهم في فريقك.

    هل لديك شجاعة الانهزام بسرعة؟
    تغيير الطريق يحتاج حكمةً ومقدرة أكثر من الإصرار عليه

    إنّ هذا التراجع المدروس ليس بالأمر السهل، ولذلك فإنّ كثيراً من أصحاب الكفاءات لا يقدمون على سلوك درب الريادة لأنّهم لا يثقون في مقدرتهم على معرفة التوقيت المناسب ولا الكيفية المناسبة لضغط زرّ التصفير والبدء من جديد.

    على الرغم من أن المثابرة والصمود في وجه الشدائد كثيراً ما تصنّف كأهمّ الخصائص الرياديّة، فإنّ المخضرمين من الروّاد يتعلّمون من تجاربهم كيف يديرون المخاطر من خلال الفشل باكراً وبأقل ما يمكن من تكاليف، ثمّ إعادة حشد مواردهم والانطلاق في اتجاهٍ جديد. كان هذا ما تعرّف عليه اثنان من طلّاب إدارة الأعمال أثناء محاولتهما تنفيذ خطة عملهما التي نالا عليها جائزة كليّة أعمال هارفارد. كتبا يقولان: أعزّاءنا المشجّعين الداعمين. بعد أكثر من سنة في العمل قرّرنا أن نتوقّف. إنه قرار صعبٌ حقاً ولكنّنا نؤمن أنّه القرار الصحيح، ونحن سعداء بالتوصّل إليه قبل أن نأخذ التمويل الرأسماليّ من طرفٍ ثالث. بالرغم من صعوبة الأمر فإنّنا نشعر بأنّنا محظوظان إذ تمكّنا من الإغلاق باكراً. كثيرٌ من أصحاب الأعمال الصاعدة لا يدركون ضعف الجدوى من أعمالهم إلاّ بعد تبديد الكثير من المال وبثّ الفوضى والمتاعب في حياة كثيرٍ من الناس. كان وقوعنا في ذلك الخطأ القاتل محتملاً، ولكنّنا نجونا والحمد لله. إنّ “الإخفاق بسرعة” وتعلّم كل ما يمكن تعلّمه من تلك التجربة هو ثاني أفضل ما يمكن للرائد القيام به”

    أيّ مغفّل يمكنه الإصرار والمضيّ دون التفات. وحده العاقل يعرف متى ينبغي عليه التوقّف وطيّ أشرعته.

    إذاً: عزيزي رائد الأعمال، عندما تنهض إلى عملك كل صباح اترك عواطفك في البيت. وعندما تقف على حافة إطلاق مشروعك فإيّاك أن تدع شيئاً يتدخّل ويفسد قيامك بتقييم عقلانيّ متيقّظ موضوعيّ وحازم. وتذكّر:

    الشجاعة لا التهوّر، المثابرة لا يبوسة الرأس، تحقيق النتائج وليس إحراق الجهد والموارد، تجاوز العقبات لا مناطحتها، هذه صفات روّاد الأعمال الناجحين وصفات الأنهار الكبرى التي ترسم جغرافيّة العالم.

    إعداد: الأستاذ معتز حبش استناداً إلى أبحاث البروفيسور دانييل آيسنبيرغ Daniel Isenberg ‎ أستاذ الإدارة العمليّة في بابسون كوليج

  • إلى أين تمضي مسيرتك المهنية

    عند أيّ محطة من محطات مسيرتنا المهنية -وليس في بداياتها وحسب- يمكن أن يثور هذا السؤال: ماذا سأفعل الآن؟ هل أستمر في عمل ما ينبغي أم انطلق إلى عمل ما أحب؟ وهل ما أقوم به الآن هو ما ينبغي القيام به؟

    نريد جميعاً أن يكون لنا اتجاهٌ في حياتنا المهنية فكيف نعثر على هذا الاتجاه؟

    إذا أردت أن تعرف ركّز معي ولا تستعجل حتّى نصل إلى النهاية، اتفقنا؟

    جمّع كلّ ما تحبّ القيام به في قائمةٍ واحدة، ثم ارفع إلى رأس القائمة العمل الذي يدرّ عليك أكبر ربحٍ ماليّ.
    لا تعترض على الاهتمام بالمال منذ البداية وتذكّر أنّ أشدّ الناس معارضةً للاهتمام بالمال قد يكونون هم الأبعد عن عالم الواقع الذي يعيش فيه كلّ الراشدين المتحمّلين للمسؤوليات.

    إنّ اكتشاف ما ينبغي عليك القيام به في مسيرتك المهنية ليس بالأمر السهل. يتألّف طريق الاكتشاف من ست خطوات ويبدأ بالغربلة والاستبعاد.

    1- غربل خياراتك

    اشطب من القائمة كل الأمور التي تحب القيام بها ولكن لا فرصةَ لك في الكسب الوفير منها إلاّ كفرصة العثور على كنز مدفون في حديقة منزلك. استبعد أشياء مثل أن تكون لاعب كرة قدم تتنافس النوادي الكبرى على شرائه، أو رسّاماً عظيماً تباع لوحاته بالملايين، أو مالكاً لنادٍ رياضي كبير.

    ومع احتفاظك بالحزم والتركيز ذاته اذهب بالقلم الآن إلى شطب كلّ ما يحلو لك القيام به ولكنّه ليس مصدراً للكسب الكافي في أيّ حال مثل: العمل التطوّعي، أو كتابة قصص الرحلات..

    2- انظر فيما بقي بعد الغربلة

    إن كنت جسوراً مقداماً على المخاطر فإنّ مجال “ريادة الأعمال Entrepreneurship” ومغامرة النجاح بنفسك هي ما يبقى أمامك. وإن لم تكن من هذا النمط فإنّ “الوظيفة” هي كلّ ما يبقى. نعم، هذه هي حياة الراشدين الواقعية لدى معظم الناس، ينهض أحدنا صباح كل يوم ليمضي إلى الشغل في وظيفة لم يتخيّل العمل فيها أبداً عندما كان طفلاً.

    3- اسأل قلبك واستكشف أعماقك

    هل تشعر بأنّك تكادُ تتخلّى عن أنفاسك إن تخلّيت عن هذا الطريق؟

    هل أنت شخصٌ دأب على الكتابة منذ أن أصبح بإمكان أصابعه الإمساك بالأشياء ولا تقدر الآن على مجرّد التفكير في العيش دون كتابة؟ إذاً لا تتخلّ عن الكتابة، ثابر عليها ولكن في منزلك بعد العمل.

    إنّ عشقك الكتابة لا يعني أنّ عليك العمل في الصحافة. بل يجب عليك أن تكتب لأنّك تحبّ الكتابة، وينطبق هذا المبدأ على كل شيءٍ آخر.

    إن كنت تحب القيام بأمر بكل جوارحك فهذا لا يعني أنّه السبيل لكسب رزقك.

    4- كن صادقاً في تحديد ما تحب القيام به

    إن رأيت نفسك لا تكرّس وقتاً منتظماً للقيام بالأمر دون تحصيلِ ربحٍ ماليّ منه فأنت لا تحبّه حقاً. شبّه محبّتك لهذا الأمر بعشقك لطبقك المفضّل أو بشغف لاعب كرة القدم بالجري وراء تلك الكرة. إنّه يمارس اللعبة باستمرار، ولا يتوقّف لعبه على أن تكون المبارة مأجورة، إنّه يحب ما يقوم به على أي حال.

    ترى هل تتحرّق شوقاً إلى ممارسة ما تزعم أنّك تحبّه كما يتحرّق الرياضيّ العاشق إلى اللعب؟  إن كانت إجابتك متردّدةً فأنت لا تحب ذلك العمل بالقدر الذي تتوهّمه، والحقيقة هي أنّك ربما تكون تحبّ التخيّل والتفكير في أنّك تحبّه وتحبّ الصورة الجديدة التي تكتسبها بعد أن تعلن حبّك له.

    5- إن لم تكن مشغوفاً بشيء فاعترف بذلك فوراً

    إن لم يكن لديك شيء تتعلّق بالقيام به تعلقاً يملأ كيانك وتجدُ لتنفيذه أهميةً لا يعلو عليها شيء، فالراجح هو أن ليس لديك شيءٌ تقوم به خيراً من أن تنهض صباح كل يوم وتمضي إلى وظيفتك، وخيرٌ لك إذاً أن تبدأ بذلك فوراً في أيّ مجال متاح.

    توقّف عن مماطلة وتضليل نفسك بزعم أن لديك اهتماماتٍ كثيرة لا تستطيع الاختيار من بينها. الحقيقة هي أنّك لا تمتلك اهتماماً واضحاً متماسكاً، وفي هذه الحالة ليس عليك التفكير في كثيرٍ من الجوانب قبل أن تقوم بأيّ عمل.

    6- املأ فراغ حياتك عملاً

    يجب عليك اكتساب رزقك في كل الأحوال. ولأنّه ليس لديك شيءٌ آخر تملؤك الرغبة في القيام به وترى الانصراف عنه انصرافاً عن حياتك فليس أمامك إذاً سوى أن تجد وظيفةً في أيّ مكان وتكفّ عن التذمّر.

    أفضل طريقةٍ كي تجد نفسك هي أن تتحرّك وتعمل. إنّنا نحن البشر نجدُ أنفسنا بالشغل وليس بالتفلسف.

     

    بعيد تخرّجي في الكلّية قمتُ بالخطوات السابقة التي نصحتك بالقيام بها، وكان الأمر صعباً على النفس حقاً. كنت أكره مجرّد التفكير في العمل موظفاً لدى الشركات، ومع كراهيتي للوظائف كان ما أريده واضحاً في ذهني كل الوضوح: أحبّ أن أكون لاعب كرة محترفاً. لقد كنتُ مستعداً لتحمّل كلّ شيء في سبيل ذلك. لم يكن احتراف اللعب ملبياً لمعيار الكفاية المادية الذي حدّثتكم عنه ولكنني أقدمت عليه بالرغم من ذلك لأنّه كان واضحاً في ذهني تماماً أنّ هذا ما أريده وأنّني مستعدّ لتحمّل كل نتائجه.

    بعد أن توقفت عن لعب الكرة، جرّبت كثيراً وتنقّلت من وظيف إلى وظيفة وذهني لا يخلو أبداً من البحث عن العمل الملائم لي. وفي النهاية عرفته: إنّه الكتابة. لكن خلال فترة التنقّل والبحث كنت أكتب ليلاً بعد عودتي من العمل. لم يوقفني عملي عن الكتابة التي أعشقها، ولم أتوقّف عن القيام بأي عمل بانتظار العمل بالكتابة.

    لدينا جميعاً أو لدى معظمنا نحن البشر مساران مهنيان اثنان. لدينا المهنة التي نرتزق بها، ولدينا العمل الذي نقوم به في المنزل أو في أيّ مكان آخر لأنّنا نحبّه.

    المسار المهنيّ هو ليس وظيفتك التي تقوم بها في نهار العمل وحسب وإنّما هو كيف تقضي ساعاتك الأربع والعشرين كلّها.

    أنفق كل تلك الساعات فيما تراه قيّماً ومهمّاً لك، ولا تبخل على نفسك ببعض الوقت تقضيه في البحث ومعرفة الشيء الذي ينبغي أن يكون هو المهمّ والأولى لديك. إنّ هذا البحث عن شيءٍ تقومُ به شغفاً مطلبٌ لا بدّ منه كي تحقّق ذاتك.

    تأليف: الأستاذ معتز حبش

  • اختبر حقيقة دوافعك قبل الإبحار: هل يمكنك؟ وهل ينبغي أن تصير رائد أعمال؟

    إنك تسمع عن بعض الناس من أصدقائك وغيرهم يقتحمون ميدان ريادة الأعمال، وتشاهد بين الحين والآخر التلفزيون والصحف تفرد مكاناً بارزاً للحديث عن نجاحات هذا الرائد او ذاك، بل إنك تجد زعماء البلاد الناهضة يشيدون بها ويحثّون الناس عليها.. فهل ينبغي عليك الآن الانطلاق في بحر الريادة؟

    هل يمكنك؟ وهل ينبغي لك الانضمام إلى الملايين الذين يقدمون على القفزة ويطلقون أوّل مشاريعهم؟

    إنّ تجارب الخبراء والممارسين المديدة تخبرنا بوجود مشاعر داخلية قوية وغامضة تدفع الإنسان الواقف على شاطئ الريادة إلى اقتحام هذا البحر وإطلاق عمله الخاص وتجعله يشعر بأنه مناسب لهذا المجال.

    من أجل كلّ هؤلاء الروّاد المحتملين نقدّم قائمة من الأسئلة الاستكشافية التي توضّح حقيقة هذه الدوافع وتبيّن مدى عمقها وقوّتها. هل هي محرّكات داخلية حقيقية يمكنها أن تصنع شيئاً في عالم الواقع؟ أم هي رغبات وأحلام؟  

    توضّح هذه الأسئلة رؤية المرء لنفسه، وتزيد ثقته فيما يتخذه من قرارات الإقدام أو الإحجام.

    هل ينبغي أن تقفز؟ وهل ينبغي أن تقفز الآن؟

    المهمّة بسيطة: أجب بنعم أو بلا على كلٍ من بيانات الأسباب والدوافع التالية. وتذكّر: الصدق مع النفس هو أوّل مقوّمات التأهّل للريادة، وتذكّر أن أخطر التوهّمات والأكاذيب هي تلك التي نقوم بها بأنفسنا. (انظر الموضوع السابق بعنوان: هل تحب مشروعك الريادي إلى درجة القضاء عليه؟)

    1- لا أحبّ أن يملي عليّ تصرفاتي آخرون أقل مقدرةً منّي.

    2- أحب أن أتحدّى نفسي.

    3- أعشق الانتصار.

    4- أحب أن أكون مدير نفسي.

    5- أبحث على الدوام عن طرقٍ جديدة أفضل للقيام بالأمور.

    6- أحبّ تمحيص الأساليب والقناعات القديمة.

    7-  أحب جمع الناس معاً لتحقيق المنجزات.

    8- أفكاري تبث الحماس في الناس.

    9- يكاد يستحيل عليّ الركون إلى أي حال والاقتناع بأي إنجاز.

    10- لا أصبر على الجلوس في مكاني دون أنجز شيئاً بنفسي.

    11- في معظم الأحوال يمكنني أن أجد بنفسي مخرجاً من المصاعب والمآزق.

    12- أن أواجه العواصف والغرق في مركبي خير لي من الرخاء واليسار في مراكب الآخرين.

    13- حيثما تبرز مشكلة تجدني مستعداً للانقضاض عليها.

    14- أعتقد أنّ الإنسان -مهما كان عمره- يبقى قادراً على تعلّم مهارات وأساليب جديدة، أو حتّى ابتكارها.

    15- هنالك أفرادٌ في عائلتي يستقلّون بتسيير أعمالهم الخاصة.

    16- لديّ أصدقاء يديرون أعمالهم الخاصة.

    17- في فتوّتي وبداية شبابي كنت أعمل بعد الدراسة وفي العطلات.

    18- الخوض في تعاملات البيع للناس يبثّ فيّ حيويةً وحماسة كالتي تصيب الرياضيّين في المسابقات.

    19- تحقيق النتائج مصدر بهجتي الأكبر.

    20- يمكنني صياغة اختبار أفضل من هذا. (وما كنت سأغيّره أو أضيفه هو: …)

    ◄ إن أجبت بنعم على سبعة عشر أو أكثر من البيانات السابقة، فامض الآن إلى الخطوة التالية وانظر في دفتر شيكاتك (إن كنت محظوظاً ولديك هذا الدفتر). إن لم تكن الشركة التي أصدرت تلك الشيكات مملوكةً لك فعلاً فهذا أوان الغوص في دراسة ظروفك واستكشاف دوافعك.

    ◄ هل عليك ديون ينبغي تسديدها؟ هل لديك أبناء على مقاعد الدراسة؟ هل تجب عليك نفقةٌ عائلية لا مجال للتخلّص منها؟ إن كان الأمر كذلك فإن من الأفضل لك التمهّل والانتظار.

    ◄ وأمّا إن كان لديك ذخيرةٌ من المال السائل (وبطاقات ائتمان شغّالة)، وإن كان يقف مشجّعاً وداعماً إلى جانبك شريك حياة أو أفراد أسرة أو أصدقاء فما عليك من بأس في أن تمضي إلى استكشاف نوع العمل الذي تحب إطلاقه.

    ◄ والعمر ليس قضية يحسب حسابها هنا.  وعلى سبيل الاطمئنان تخبرك الدراسات الحديثة أن أعداد من يطلقون شركاتٍ ناشئً وأعمارهم تتجاوز الخمسين تزداد يوماً بعد يوم.

    ◄ تحدّث إلى من قاموا بالقفزة فعلاً. تعلّم كيف تخطّط وكيف تنتهي إلى تقديم منتجك أو خدمتك. ادرس تفاصيل تلك الشركة الصغيرة التي تتطلّع إلى شرائها. تحدّث مع الناس الذين ترغب في عملهم إلى جانبك وتحدّث كذلك مع عملائك المحتملين.

    طريق الريادة قرار مدروسٌ
    إنّه ليس مهرباً اضطرارياً، وليس هواية

    بالتأكيد لا حظت أنّ “أهوى اقتحام المخاطرة “ لم يكن من بيانات الاختبار. فهل تعرف السبب؟ السبب هو أن الروّاد لا يختارون سلوك الريادة لأنهم يرغبون في نمط حياةٍ أكثر مخاطرة. ما يقومون به حقاً هو المقارنة والاختيار بين نوعين أو مجموعتين من المخاطرات: تضم المجموعة الأولى كلّ ما يكرهونه في الوظيفة الثابتة (مثل الضجر، العمل لدى مدير سيّء، فقد الاستقلالية، ضعف التحكم بالمصير، والخوف من الاستغناء عن خدماتهم في أية لحظة) وتضم المجموعة الثانية الأشياء التي يخشونها في سلوك الريادة مثل (الإخفاق، غموض الأمور المالية، التعرّض للخجل والإذلال، ضياع المال المستثمر). وفي النهاية يتوصّل من كتب لهم أن يصبحوا روّاداً إلى الاقتناع بأنّ ما لديهم من مقدرات وخصال (الروح القيادية، وغنى الموارد، والشجاعة، والجلد) أو ما لديهم من أصول ومقوّمات مادية وغير مادية (مثل المال، أو الملكية الفكرية، أو المعلومات، أو الوصول إلى العملاء) ستخفّف تخفيفاً كبيراً مخاطرة سلوك الريادة وترجّح كفّتها. المخاطرة في النهاية تبقى تقديراً شخصياً: ما هو خطير لدى زيد ليس بالضرورة خطيراً لدى عمرو.

    “أريد أن أصير ثرياً” ليس من البيانات المختارة أيضاً. لأن الواقع يخبرنا أنّ عموم الناس الذين يطلقون أعمالهم الخاصة لا يكسبون من المال أكثر ممن يعملون لدى الآخرين. والأقلّية التي تصيب ثروة طائلة من وراء الريادة لا تغيّر هذه القاعدة. لكنّ المكاسب المعنويّة (متعة التحدّي، والاستقلالية، وتقدير الجهد، وفسحة الإبداع والديناميكية) هي التي تجعل بذل الجهد واختيار مخاطرة الريادة مطلباً قيماً وجديراً بما يبذل من أجله.

    إعداد: الأستاذ معتز حبش استناداً إلى أبحاث البروفيسور دانييل آيسنبيرغ Daniel Isenberg ‎ أستاذ الإدارة العمليّة في بابسون كوليج

  • أنت قائد؟ لماذا نحبّ أن نتبعك؟

    هل يعتقد أحد بأن كابتن فريق كرة القدم أو مدرب الفريق يوضعان ويستمرّان في منصبيهما بالتعيين؟
    لا داعي للنقاش هنا إذ ستبدأ الحقائق بالظهور بعد أوّل مباراة!  

    وأنت عزيزي القارئ: هل أنت قائد بالتعيين في منصبك أم أنت قائد بحكم امتلاكك خصال القيادة ومهاراتها؟
    هل يصنع المنصب قيادتك أم إنّ مهاراتك القيادية هي التي تصنع منصبك؟

    يقول المثل يمكنك أن تحضر جواداً إلى النهر لكن لا يمكنك إجباره على أن يشرب. ونتابع نحن فنقول: يمكن لأي إدارة عليا إصدار قرار بتسمية إنسان معيّن قائداً (قائد فريق صغير أو قائد مؤسسة ضخمة) ولكنها لن تستطيع جعله يقود، والأهم من ذلك أنّها لن تستطيع جعل المحيطين به يرونه قائداً ينبغي أن يتبعوه ويحبّون أن يتبعوه.

    حتّى تتمكّن من تطبيقِ تأثيرٍ فعال على الآخرين عليك تلبية عدة معايير صارمة تخوِّلكَ الإجابةَ على هذا السؤال الذي لا بدَّ من أن يطرحه تابعوك: لماذا ينبغي علينا أن نتبعك؟ ولماذا نحب أن نتبعك؟
    لا تسرع في الإجابة وتذكّر بأنّ القائد ليس كابتن فريق على أرض الميدان، وليس مدرباً على مقعد التوجيه والتخطيط بل هو يقوم بأدوار الكابتن والمدرّب والمشجّع معاً.

    يقدّم خبراء القيادة معايير معينة تقوم عليها إجابة السؤال (لماذا نتبعك؟) ومن أهمّ هذه المعايير الأربعة التالية.
    ينبغي على القائد النجاح في هذه المعايير أو الاختبارات الأربعة حتى يستطيع الإجابة على سؤال: لماذا يجب علينا، ولماذا نحب أن نتبعك؟

    1- اختبار الدوافع Motives:
    قيادتك من أجل من؟ هي لك أم لنا؟

    إن أياً من تابعيك لا يمكن أن يتقبلَ تأثيرك وتوجيهاتك ما لم تقدم له البرهان على التزامك بنجاح المجموعة كلها وليس نجاحك الشخصي وحسب. إن مهمة القائد الأساسية هي مساعدة الآخرين على النجاح، وإذا لم يثق التابع بدوافعك فإنَّ أيَّ أمرٍ آخر لا يمكن أن يجدي في سدِّ هذه الثغرة، وإذا كانَ الشكُّ في المصداقية موجوداً فإنَّ كلَّ المقومات الأخرى ستصبح هباءً منثوراً.
    وكيف تقنع تابعيك بسلامة دوافعك وغاياتك؟ لا يمكنك أن تقوم بذلك أبداً مهما تحدَّثت! بل أفعالك هي التي تقنع!
    سل نفسك: هل أنتَ معتادٌ على مساعدة أعضاء الفريق الآخرين بوقتك وأفكارك ودعمك وإن لم يكن من وراء تلك المساعدة حصيلةٌ مباشرةٌ تعود عليك؟ هل تذكرُ أمثلةً فعليةً وضعتَ فيها مصالح الغير قبل مصالحك؟
    كيف يبدو سجلك كعضوٍ في الفريق؟ هل تنوِّر الأعضاء بالمعلومات اللازمة؟ هل تعلِّم وترشِد؟  

    2- اختبار القيم Values:
    هل لديك بوصلة؟ وهل بوصلتك صحيحة؟ وثابتة؟

    بعدَ أن يطمئنَّ التابعون إلى دوافعك فإنَّ السؤال التالي الذي يريدون الإجابة عليه هو “ما هيَ قيمك الأساسية؟ ”
    عندما يعتقد التابعون بوجودِ أهدافٍ مشتركةٍ بينهم وبين قائدهم فإنَّ أثرَ هذا الاعتقاد لا يتوقفُ عندَ تمهيد الطريق لاستجابتهم لتأثيره وتقبلهم لتوجيهاته وحسب، بل إنه يلهمهم ويحفِّزهم نحو المزيد من الحركة والانطلاق.
    يريدُ الناس اتّباع قائدٍ لديه قيمٌ متبلورةٌ واضحةٌ ومستقرة حتى يمكنهم هم أيضاً الارتكازُ عليها والتعلُّمُ منها. ولا يمكنُ لأي إنسانٍ القبولُ باتّباع قائدٍ لا تحركه المبادئ وإنما يسير كيفما شاء له الهوى وكيفما تدفعه الظروف.

    وفي هذا الاختبار أيضاً لا يمكنك تحقيقُ أيِّ شيءٍ بمهارة اللسان ومناورات الإقناع وإنما عليك ترك الحديث كلَّه لأفعالك.
    هل يراك أعضاء الفريق وأنت تتقبلُ الخسائر الشخصية في سبيل الالتزام بالمبادئ؟ هل يراك الموظفون وأنت ترفض البحث والمناقشة لترقيةٍ أو صفقةٍ محتملة فقط لأنَّ متابعة ذلك تعني الإخلال بقيمك؟
    عندما تُعرضُ عليك مهمةٌ جديدة لا ينبغي قبولها فماذا تصنع؟ هل ترفضها بصراحة وتبينُ أنها تتجاوز طاقة الفريق وستضر بجودة العمل، أم تتبع ما يقوم به الكثيرون من قبول أيِّ ربحٍ إضافي طالما أنه لا يضرُّ بالجودة ضرراً يمكن اكتشافه و لا يعرِّضهم للمحاسبة شخصياً؟

    3- اختبار المقدرة Competence:
    كم أنت قوي وأمين؟

    بعدَ أن يطمئن التابعون إلى دوافعك وقيمك ورؤيتك للطريق الصحيح فإنهم يحتاجون أيضاً إلى الاطمئنان إلى مقدرتك على سلوك ذلك الطريق فعلاً. إنهم يحتاجون إلى أفكارك الجديدة البناءة لتحسين الأمور.
    إننا نسمع دائماً أن القائد لا بدَّ من أن يكون لديه رؤية، ولكن مهلاً! أليست الرؤية هيَ المطلبَ الأيسرَ منالاً؟
    أليسَ سهلاً أن نقول هيا يا شباب نحو القمة! فلنكن في الطليعة.. فلنعمل عملَ فريق متضامن!
    أجل الكلمات سهلة! ومعظم القادة يجيدونَ صياغة العبارات الكبيرة ذاتها. والفرق الحقيقي والصعوبة الحقيقية إنما تبدو عندَ الحاجة إلى ابتكار الطرق الفعلية لتحقيق تلك الأهداف وتحويل الكلمات إلى واقعٍ ملموس!
    أين هيَ منجزاتك الفعلية؟ ما هي التغييرات والأدوات التي أدخلتها على طرق العمل القديمة؟ ما هو سجلُّك الإبداعي في تسيير أيِّ قطاعٍ من قطاعات العمل؟

    4- اختبار الأسلوب Style:
    هل تعرف كيف تدخل العقول والقلوب؟ وكيف تحرك الناس من الداخل؟

    بعدَ نجاحك في كلِّ الاختبارات السابقة فإنَّ التابعين ما يزالون بحاجةٍ إلى الاطمئنان إلى أسلوبك في تحقيق أفكارك وتطبيق خططك وأدواتك. إنَّ القائد المتميز هو المدرب المرشد coach المتميّز! إنَّه الذي يساعد كلِّ أعضاء الفريق على استكشاف وتفعيل طاقاتهم إلى أقصى الحدود، ويساعدهم على تحقيق أهدافهم.
    إنَّ المرشد الناجح المتميِّز ينبغي أن يتمتع بصفتين اثنتين تبدوان وكأنهما متناقضتان! إذ يجبُ عليه أن يكونَ مؤازِراً متفهِّماً ومقدماً للاحتياجات، ويجبُ عليه في الوقت ذاته أن يكونَ متطلِّباً دونَ توقُّف وغيرَ قانعٍ بالهدف والأداء الحاليين و إنما يحثُّ الأنظار والعزائم على التوجه نحو الهدف التالي الأصعب والأبعد والأرقى!

    يجبُ عليك أن تتقن المهارتين السابقتين مجتمعتين! لأنك إذا كنتَ شديد التطلب دون مراعاة فإنك ستبدو كقائدٍ عسكريٍ مستبد! وإذا كنت شديد المراعاة دونَ تطلَّب فإنَّك ستبدو ضعيفاً تائهاً وفي كلتا الحالتين لن يرحب أحدٌ باتباعك! إنَّ الناس يريدون قائداً ناقداً وعطوفاً، ودوداً وذكياً صريحاً، إنهم يريدون متحدياً داعماً!
    إنَّ القائد الحقيقي ليس الذي يبني شركة ناجحة وإنما هوَ من يبني منظمةً ناجحة تقدرُ على بناء وتسيير العديد من الأعمال الناجحة. وهكذا عليك التركيز على بناء المجموعة وعليك الاستعداد لأن يكونَ نجاحُ هذه المجموعة هو مصدر سرورك و فخرك ورضاك! وتحقيقُ ذلك مرهونٌ بمواقفك وسلوكك وهو ليس مجرّد موهبةً فطريةً لا يدَ لكَ في حضورها أو غيابها!

    تأليف: الأستاذ معتز حبش

زر الذهاب إلى الأعلى